للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أصحاب الأشعري: هو على الوقف على ما يدل عليه الدليل (١).

وإنما يقف الأشعري في أكثرِ المسائل؛ لأنه لا يجدُ ترجيحاً ولا ظاهراً، وأقدمَ غيرُه؛ لِما قام عنده من أمارَةِ الترجيحِ.

فصل

في جمع أدلتنا

فمنها: أنَّ الاستثناءَ معنى يقتضى التخصيصَ، لا يستقلّ بنفسِه، فإذا تعقَّب جملاً رجَع إلى جميعها، كالشرطِ.

وقد أجمعنا على أنَّه لو قال: امرأتي طالقٌ، عبدي حرٌّ، ومالي صدقة إنْ شاءَ الله، أو: إنْ دخلتُ الدارَ،. فإنَّ كلِّ واحدٍ من ذلك يكونُ موقوفاً على المشيئة، ودخولِ الدار.

يوضحُ صحةَ إلحاق الاستثناء بالشرط: أنَّ الاستثناءَ يعمل عملَه، فيوقفُ تَنَجُّز الجملِ ووقوعها، فإنّه إذا تابَ؛ خرج عن حكم رَدِّ الشهادة والفسقِ، وإذا دخل الدار؛ خرج عن الرَّقِّ إلى العتقِ، والنكاحِ إلى الطلاق. وتقديرُ قوله: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا}: إلا أن يتوبوا، فهما سواء؛ لأنَّ هذا لوقوع (٢) المشروط، وهذا لإخراج (٣) المستثنى، وجميعهما يقتضيان التخصيص.

أو نقول: ما عاد إلى جملةٍ من الجملِ لو انفردتْ، عادَ إلى جميعها إذا تقدَّمت، كالشرط؛ فإنه لوقال: زوجتي طالق إنْ شاءَ اللهُ، أو عبدي حرٌّ إن شاءَ اللهُ. عادَ الاستثناءُ إلى كلِّ جملةٍ منفردةٍ، وعادَ إلى جميعها إذا تقدَّمت، كذلك الاستثناءُ لما عاد


(١) وهذا ما رجحه القاضي الباقلاني، ووافقه عليه الإمام الغزالي، "المستصفى" ٢/ ١٧٤، و"الإبهاج"٢/ ٩٥.
(٢) في الأصل:"الوقوع".
(٣) في الأصل: "الإخراج".

<<  <  ج: ص:  >  >>