للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرادُ به.

قولُه تعالى: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل:٨٩]، وهذا يُعطي: أنَّه يُبَيِّنُ سائرَ ما يدخلُ تحتَ التكليفِ من الأفعالِ، والتُّروكِ (١)، والاعتقاداتِ، فلا يجوزُ أن يكونَ منه ما لا يُعْلَمُ معناهُ وحكمُهُ، لأنه يكونُ فيِ نفسِه غير مبيَّن، فكيف يكون مبيناً (٢) لغيرِه؟ وكيفَ يجوزُ أن يكون كلامُ اللهِ غيرَ مفيدٍ!؟

ومنها: أنَّه لو كان في الكتابِ ما لا يعلمُه إلاَّ الله، لكانَ كونُه عند الله لم ينزلْه إلينا [أولى] (٣)، فإنَّ ما لا يُعْلَمُ وأما، (٣) لم يُنْزَلْ سواء، وكلامُ البارىء يدلُّ على إبطالِ هذا المذهب، وهو أنه قالَ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: ٤]، وقال: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ} [فصلت: ٤٤]، وهل الأعجميُّ الذي نفاه عن كتابِه إلا ما لا يُعْلَمُ؛ وإذا ثبتَ هذا، بطلَ دعوى متشابِهٍ (٤) في كتابِ الله لا يعلمُه سوى الله، ومقالةُ من ذهبَ إلى أنَّ العلماءَ يعلمونَ معناهُ وتأويلَه، أقربُ من هذه المقالة، لأنَّه إذا كان لنا علماءُ يعلمونَ معناهُ، وأُخذ عليهم أن لا يكتموه (٥)، استفيدَ بيانُه منهم، فتحصلُ الفائدةُ ببيانِهم.


(١) في الأصل: "المتروك".
(٢) في الأصل: "مبين".
(٣) ليست في الأصل.
(٤) هنا محذوف تقديره: "وجود" متشابه.
(٥) في الأصل: "يكتمونه".

<<  <  ج: ص:  >  >>