للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من قَبْلِ كونه، فقال: "إنَّ له شيطاناً، وإنه إذا شُكِّكَ شَك"، فمضى إليه فيروزُ الدَّيلمي (١)، فشَكَّكَه فشَك، وقصفَ عنقَه (٢).

فالتكليفُ في ذلكَ ردُّ ما أشكلَ إلى ما لا يشكلُ، فما أخلى اللهُ سبحانَه شبهةً من حلٍّ، وقد أزاحَ العللَ في حلِّها، بما آتانا من القدرةِ على التأملِ والنظرِ، فَمَن (٣) صَدَقَ الله سبحانه في بذلِ ما آتاهُ من النظرِ في دلائلِ العبرِ، قَمَعَ الشُبَهَ بالحُجَجِ، وكَشَفَ عن عوارِ البدع بواضح السنَن، ورَدَّ المشتبهِ من الألفاظِ إلى المحكَمِ منها، والمَشْتَبهَ منَ الأفعالِ إلى المُتقَنِ منها.

فصارت الأدلةُ التي توجِب حملَ المشتبهِ على المُحكَمِ، كالتفسيرِ للمُجْمَل.


(١) فيروز الدَّيْلَمي أبو الضحاك، اليماني الحِمْيَري، الفارسي الأصل، وفد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم رجع إلى اليمن، وهو الذي قتل الأسود العَنْسِي الكذاب، توفي سنة (٥٣) هـ.
"الإصابة" ٣/ ٢١٠، و"الأعلام" ٥/ ٣٧١.
(٢) الحديث بهذا النصِّ لم نجده فيما بين أيدينا من كتب الحديث والسير، وقصة قتل فيروز الديلمي للأسود العنسي، أوردها البيهقي في كتاب "دلائل النبوة" ٥/ ٣٣٥.
وأخرج البخاري (٤٣٧٩) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ذُكِر لي أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "بينا أنا نائم أريتُ أنه وُضعَ في يدي سواران من ذهب، فَفُظِعْتُهما وكرهتُهما، فأُذنَ لي، فنفختهما فطارا، فأوَّلْتُهما كذابينِ يخرجان" فقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، راويه عن ابن عباس: أحدهما: العنسي الذي قتله فيروز باليمن، والآخر: مسيلمة الكذَّاب.
(٣) في الأصل: "في".

<<  <  ج: ص:  >  >>