للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي الثَواب بالإِيمانِ، فاعتُبرَ ابداً الشيءُ الذي لَهُ ومن أجلِه كان المخبرُ عنهَ على الصَفةِ، فإن كانَ معنىً غيرُ المخبَرِ عنهُ، فالذمُ متعلقٌ به، وكذلك الحمدُ، وعليه قِياسُ الإِثباتِ والنَفيِ، وإن كان ليس بمعنىً غيرِ المخبَرِ عنه في الحقيقةِ، كقولك: لأنه موجودٌ، ولأنه باقٍ، إذ ليس يفيدُ تقديرَ معانٍ، فكل ذلك متعلق بالمخبَرِ عنه.

فصل

وقد يُثْبَتُ الشيءُ من وجهٍ، وُينْفَى من وجهٍ آخَرَ، كمايُعلمُ من وَجهٍ، ويجهلُ من وجهٍ آخَرَ، ذلك كقولِك: السعَفَة مُتَحركةٌ. فهذا إثبات للحركةِ، ثمِ تقولُ: ولم يحرِّكْها مُحرك. فهذا نفى للحركةِ، لأنه لو لم يحركْها مُحرَكٌ كانت حركَتُها معدومةً لا مَحالةَ، فقد دل على أن المخبَرَ به في القولِ الأول موجود، ودل في الثاني على أن المخبرَ به معدوم، وهذانِ الخبرانِ متناقضانِ، إلا أن تناقضَهما لمَا كان لا يُعرفُ إلا من طريقِ الاستدلالِ، جازَ أن يجمَعَ بينهما مَنْ لم يستدل فيعلمَ أنهما يتناقضانِ.

فصل

ولنا سَلْبٌ، وبينَهُ وبينَ النَفْيِ فَرْق: وهو أن النفيَ دَلالة على عَدَم المخبرِ به، والسلْب دلالةٌ على أن المخبَرَ به على نَقيضِ الصَفَةِ بالإِنكارِ، موجوداً كان المخبَرُ به أو معدوماً.

مثالُ ذلك من الأصولِ، قولُك: ليسَ جوْهَرُ الجمادِ مثلَ جَوْهَرِ الحيوانِ، فهذا هو السلْبُ، وليس بالنَفيِ؛ لأنه لم يدل على عدمٍ، وإنما دل على أن المُخبَرَ به على نقيضِ الصَفةِ، فقلتَ: ليس مثلَه،

<<  <  ج: ص:  >  >>