للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المعاني تداخلت الألفاظُ، فوقعَ بعضُها مَوقعَ بعضٍ، ونابَ بعضُها عن بعضٍ.

وأكثرُ ما تستعملُ الضرورةُ في العلمِ، وهي في الفعل كلِّه تَصِح، فكَوْنُ الإِنسانِ ضرورة، وشَهْوتُه ضرورةٌ، وخَواطِرُه ضرورةٌ وأكثرُ أحوالِه ضرورةٌ؛ لأن أكثرَ أحوالِه ما يُفعل فيه، وأقلُّها ما يَفْعَلُ ويَكْتَسِبُ كحركتِه، وسكونِه، وجمعِهِ، وتفريقِه، وإرادتِه، وكراهتِه، واعتقادِه، وندمِه، وإصْرارِه، وما يَجْرِي هذا المَجْرَى، فاكتسابٌ كلُه.

وكأنَ الأصلَ في الضرورةِ أن يُفعلَ في الشيءِ ما يَضُرة، ولا يَتهَيأ

له الانصرافُ عنه، ثم كَثُرَ حتى صارَ في كلِّ ما يُفعلُ فيه مما لا يَتهيأ

له الانصرافُ عنه، ضَرَّهُ أو نَفَعَهُ، وقد يضْطَرُّ الِإنسانُ نَفسَهُ إلى أمرٍ، كالذي يُلقي نفسَه من سطحٍ، فيَضْطَر نفسَهُ إلى الهُبوطِ.

فصل

في الضِّدَّ

وهو: المنافي للنَّقيض مع المنافاةِ لِمَا نافاهُ، وشرح ذلك: أنَّ المنافاةَ قد تكونُ بين الشيئَيْنِ، ولا مُضادَّةَ بينهما، كالإِرادةِ تنافي الموتَ، ولا تُنافِي ما نافَى الموتَ من الحياةِ والمعرفةِ وغيرِ ذلك، وإنما قيلَ: مُنافاة، ولم يُقَلْ: مُضادَّة؛ لأن المضادَّةَ نهايةُ المُبايَنَةِ، والمنافاةُ إنما يُرادُ بها الدَّلالةُ على أنه لا يَصِحُّ وجودُهما معاً.

وأما النقيضُ فهو أعمُّ من الضد، فكلُّ ضدَّ نَقيضٌ وليسَ كُلُّ نقيضٍ ضداً، إذِ الصِّدقُ نقيضُ الكذبِ، وليس بضدٍّ، وكذلك المتحركُ نقيضُ الساكنِ، وليس بضا، وكذلك المنافاةُ أعمُّ من

<<  <  ج: ص:  >  >>