للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ التركَ بصورتهِ عدمٌ مطلَقٌ ونَفْيٌ لا يدكُ على أن وراءه مكابدةُ نفسٍ في كفٍّ، وبهذا فارقَ القولَ؛ فإنَّه لو صرحَ بالأمرِ بالتركِ، وجب اتِّباعُه، ولو ترك بغيرِ قولٍ، لم يوجِبْ ذلكَ التَرْكُ اتِّباعَه فيه (١).

ولأنَّه قد يكونُ التركُ تعبداً، وإن كان رفاهيةً وراحةً، كقصرِ [الصلاة في] السفر، والرخص التي عاتبهمْ (٢) على تركها، وقال: "إن الله يكره أن تتركَ رخصه" (٣)، وقال: "من ذا الذي رد على الله رخصته؟ " (٤)، وبلغَه أنَّ قوماً صاموا، فقال: "أُولئك


(١) في الأصل: "واتباعه وفيه".
(٢) في الأصل: "عتبهم".
(٣) الحديثُ ورد بعدة ألفاظ، منها: عن ابن عمر عند أحمد في"المسند" ٢/ ١٠٨ ولفظه: "إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته".
وأخرجه ابن حبان في عدة مواضع من "صحيحه" عن أكثر من صحابي منها هذه الرواية (٢٧٤٢).
وعن ابن مسعود عند الطبراني في "الكبير" (١٠٠٣٠)، وأبي نعيم ٢/ ١٠١ مرفوعاً بلفظ: "إنَّ الله عز جل يحب أن تقبلَ رخصه، كما يحبُ أن تؤتى عزائمه". وروي موقوفاً، وهو أصح.
وعن ابن عباس بلفظ: "إنَّ الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه" عند ابن حبان (٣٥٤)، والطبراني في "الكبير" (١١٨٨٠)، وأبىِ نعيم ٨/ ٢٨٦، والبزار (٩٩٠). وإسناده صحيح.
وقال الهيثمي في "المجمع" ٣/ ١٦٢: ورجال البزار ثقات، وكذلك رجال الطبراني.
(٤) لم أجده بهذا اللفظ. لكن ورد عن يعلى بن أمية قال: قلت لعمر: إقصار الناس الصلاة، وانما قال الله جل وعلا: {إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ =

<<  <  ج: ص:  >  >>