للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العصاة" (١)، وقال: "ليسَ من البرِّ الصومُ في السفر" (٢)، وهو تركُ تعبد.

فيقال: أمَّا [إن] التركَ هو الأصلُ، وليس يُتعبَّدُ به إلا في نوادرِ أحوالٍ لا على (٣) الإطلاق، فلا (٤) يُسَلَّم، بل إنْ تَرَكَ في خلال فعل ما يشاكلُ ذلكَ الفعلَ، أو فعلَ فعلاً في مكان، أو مع شخصٍ، وتركَه في مكانٍ آخرَ، ومع شخص آخر، دلَّ على وجوب تجنُّبه، مثل أنْ وقفَ بعرفة، وتجنب عُرَنة، وأجابَ شخصاً دعَاه، ولم يستجب لآخر، وقصرَ الصلاةَ في سفرٍ، ولم يقصرها في سفر، كان ما تَرَكَه واجباً تركهُ، كما أنَّ ما فَعَلَه واجبٌ فعلُه، وإنْ كانَ تركهُ لا مغايرة بينَ مكانين، ولا زمانين، ولا شخصين، فإنَّما لم يدلَّ على الوجوبِ، لأنَّه إن (٥) كان التركُ لا لتفرقةٍ بين فعلين، فإنما لم يدلَّ، لأنَّه كان يفضي إلى أنَّ تركَه للقولِ أيضاً يدلُّ على وجوب الترك، فلا يبقى لنا معه باقٍ ولا فعل، فإنْ كانَ قول يتعقَّبُه سكوتَ، فكانَ إذا أمرَ وجبَ، وإذا سكتَ سقطَ، فلا يستقرُّ لنا شرعٌ.

على أنَّه قد اعتَذر عن التركِ ببيانِ علَّةِ الترك، حيث لم يأكل


= كَفَرُوا} [النساء: ١٠١] فقد ذهب ذاك؟ فقال: عجبت منه حتى سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "صدقة تصدق الله بها عليكم، فاقبلوا صدقته" رواه مسلم (٦٨٦)، وأبو داود (١١٩٩)، وأحمد ١/ ٣٦.
(١) أخرجه مسلم (١١١٤) (٩١)، والترمذي (٧١٠).
(٢) أخرجه البخاري (١٩٤٩)، ومسلم (١١١٥).
(٣) فى الأصل: "وعلى".
(٤) في الأصل: "لا".
(٥) في الأصل: "لأنه هو وإن".

<<  <  ج: ص:  >  >>