للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المضادَّةِ، والنَقيضانِ قد يجتمعانِ في الوجودِ (١)، ولا يَصِح أن يجتمِعَ الضدانِ في الوجود، وذلك كقولك: زَيدٌ متحرِّكٌ، ليس زيدٌ متحرِّكاَ، فهذان القولانِ نقيضانِ، وقد اجتمعا في الوجودِ، والضدان يتعاقبانِ في الوجودِ.

وعندي أن ذلك لأنَّ الضدَّيْنِ لا يقومُ كل واحدٍ منهما إلا بمَحَل، ولا يتبيينُ التضاد إلا بالمَحَل الواحدِ، ولا اجتماعَ للحَرَكةِ والسَكونِ، ولا للبياضِ والسَّوادِ في محلٍّ واحدٍ، والنَقيضُ (٢) في اللفظ الواحد لا يَجتمع مع النقيض، وإنما قولُ القائلِ: زيدٌ متحركٌ [ليس]، (٣) متحركاً، نقيضانِ، لكنْ في زمانَيْنِ، والنطقُ لم يَجْمَعْهما (٤)، وإنما يَعْقُبُ أحدُهما الاَخَرَ، وإنما الذي بَقِي من المُفارَقَةِ أن القولَيْنِ نقيضانِ، وجُمِعَا لزيدٍ جَمْعاً لا يُجْمَعُ مثلُه في الضِّدَّيْنِ، فقيلَ: زيدٌ متحركٌ، ليس زيدٌ متحرِّكاً، والضدانِ لا يجتمعانِ وجوداً في المحلِّ.


(١) كلام المؤلف هنا ليس على إطلاقه، وهو خلاف المعروف من أن النقيضين لا يجتمعان ولا يرتفعان، وربما يتضح بقوله بعد قليل: "وإنما قول القائل: زيد متحرك، ليس متحركاً، نقيضان، لكن في زمانين، والنطق لم يجمعهما، وإنما يعقب أحدهما الآخر .. ".
(٢) كتبت في الأصل: "والنقيضان" ولعل ما كتبناه هو المتناسب مع السياق.
(٣) زيادة على الأصل يقتضيها النص.
(٤) في الأصل:" يجمعها"، وما قدرناه أنسب.

<<  <  ج: ص:  >  >>