للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأحدِ جميعاً، ولو اتفقَا (١)، اتبعَهُما نبيُّنا - صلى الله عليه وسلم -، كما يتبعُهما فيما اتفقَا فيهِ من صومِ رمضانَ فيما بقيَ في شريعةِ موسى بعدَ مجيءِ عيسى، [لأنه] ما جاءَ عيسى بخلافهِ متعبداً به في شريعتِه (٢)، ولا مُحْترِماً.

وأما قولُهم: إنَّ التوحيدَ مقطوعٌ به، فعادَ الاتباعُ إليهِ، وما دونَهُ ليس بمقطوعٍ. فإنَّا لا نجعلُهُ شرعاً لنبينا - صلى الله عليه وسلم - إلا بطريق الوحي، فإذا أعْلَمَه جبريلُ أنَّ ذلكَ مِنْ شريعةِ إبراهيمَ أو موسى، اتبعَهما لكونه (٣) شرعاً لهما، واستصحبَ حكمَ الأصلِ وبقاءَ حكمِ الوحي الأولِ، إلى أنْ يأتيَ وحيٌ ثانٍ يخصُّهُ، ينهَاهُ عنِ البقاءِ على حكمِ الأصلِ، فأمَّا بظنٍّ، أو نقل لا يقطَعُ بهِ، فلا يكونُ ذلكَ شرعاً له.

ومنها: قولُه تعالى: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا} [المائدة: ٤٤]، وقال: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ ..} [المائدة: ٤٥] إلى آخرِ الآيةِ، فقالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا كَسَرَت الرُّبيِّعُ سِنَّ جاريةٍ: "كتابُ الله القِصاصُ" (٤)، وإنما عنى بقولِهِ: "كتابُ اللهِ": التوراةَ، إذْ ليس في كتابِنا ذكرٌ للقصاصِ في السِّنِ إلا ما حكاهُ مِنْ كِتْبَةِ ذلك في التوراةِ، وتَوَعَّدَ (٥) اللهُ سبحانَهُ، وذَمَّ على [عَدَمِ] الحكم [بها] فقال: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٤٥)} [المائدة: ٤٥]


(١) في الأصل: "اتفق".
(٢) في الأصل: "شريعة".
(٣) في الأصل: "بكونه".
(٤) أخرجه البخاري (٤٥٠٠)، ومسلم (١٦٧٥).
(٥) في الأصل: "وتواعد".

<<  <  ج: ص:  >  >>