للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في جمع شبههم

فمن ذلك: ما حكته اليهودُ عن موسى عليه السلام، أنهُ قال: شريعتي مؤبدةٌ ما دامت السماوات والأرض، وبعضهم يروي أنه قال: الزموا السبتَ أبداً.

فيقال: هذا مفتعلٌ على موسى، ويقال: أول من وضعهُ لهم لتقْطَعوا به الكلامَ معَ من يَروعُه هذا اللفظُ ابنُ الراوندي، وأنه أخذ على ذلك جِعالةً من اليهود بَتسَمُّجه في أمر الدين بما ظهرَ من خِزْيِه (١) في كتبهِ المعروفةِ، كالملقبَ بـ "الزمرُّدة" و"الدامغ" (٢). والذي يوضحُ هذا الكذبَ: أن أحبارهم وكبارَهم أعرفُ منهم بما في التوراةِ، وهذا ابنُ سلامٍ، وكعبُ الأحبار، ووهبُ بن منبه، أسلموا لما رأوا علاماتِ المبعوثِ في توراتهم [فيه] صلى الله عليه وسلم، وقد عُلمَ ما في التوراةِ المنقول إلى العربي، من ذكرِ الأنبياءِ: أشيعيا، وشمعون، وحبقوق، وغيرهم، ما لا يُغادرُ صفتَهُ، وصفةَ أُمَّتهِ، وصفةَ مكةَ في أيامِ نبوته وبعثته، وذلك مذكورٌ في أعلامِ النبوَّات من كتب الأصول، فأين كانت هذه الكلمة؟ وأين كانوا عن التعلقِ بها؟ فلما لم ينقل احتجاج اليهود الأُوَل بها، عُلمَ أنها مفتعلةٌ مختلقةٌ في أواخرِ الأمر، لَمَّا تجدد للشريعةِ من الأصوليينَ مَن دَحَضَ كلمتَهم، فأعياهم النظرُ والتحقيقُ إلى هذا الكذبِ، طلباً


(١) في الأصل: "خزنه".
(٢) انظر ما تقدم في ترجمته في الصفحة ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>