للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقد بانَ بذلكَ أنَّ الحكمَ ما بقيَ بعدَ زوالِ مُوجِبِه، لكن بقيَ بدلالةٍ صالحةٍ لابتداءِ الحكمِ بها، ونحنُ لم نضمن في هذه المسألة أنَّ الحكم الذي ما ثبت إلا بالآيةِ بقيَ بعدَها قائماً بنفسه، وإنَّما ضمِنا بقاءَ الحكمِ بعدَ نسخِ الآيةِ، وأنَّه ليسَ من ضرورةِ نسخها نسخُه، لما بيَّنا من أنَّ الله سبحانه يجوز أن يجدِّد علة الحكم.

فصلٌ

وهل يجوزُ أن يَمسَّها المُحدِثُ، ويتلوها الجُنُبُ؟ يحتمل: أن لا يجوزَ وتبقى حرمتُها، كبيتِ المقدس؛ نسخَ كَونُه قبلةً، وحرمتُه باقيةٌ، ويحتملُ: أن لا تبقى حرمتُهاَ المذكورةُ، كما لم تبقَ حرمةُ كَتْبِها في المصحف.

وهي أشبهُ شبهاً بالحِجْر، فإنَّه كان من البيتِ، وهَمَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنْ يَرُدَّ قواعدَ البيتِ عليه (١)، كما همَّ أعمر، بكَتْبِ (٢) الآيةِ في المصحفِ.

ولن يضرَّ الاحتمال الأول؛ أمّا بكون ما حرَّمه يقتضي الطهارة، فهي باقيةٌ في الحِجْرِ، وأمَّا [نَفي] الحرمة عن الطهارِة، فقد استويا فيه، فبناءُ (٣)


(١) ورد هذا من حديث عائشة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لها: "يا عائشة لولا أن قومك حديث عهدٍ بجاهليةٍ، لهدمتُ البيتَ حتى أدخل فيه ما أخرجوا منه في الحجر، فإنهم عجزوا عن نفقته، وألصقته بالأرضِ، ووضعتُه على أساس إبراهيم"، أخرجه البخاري (١٥٨٦)، ومسلم (١٣٣٣)، والنسائي ٥/ ٢١٦، وأحمد ٦/ ٢٣٩، وابن حبان (٣٨١٦).
(٢) في الأصل: "كتب".
(٣) في الأصل: "بناء".

<<  <  ج: ص:  >  >>