للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال أكثرُ الأصوليينَ والفقهاءُ: محال دخولُ النسخِ على الخبرِ، ولا فَرْقَ بين خبرِ الله تعالى، وخبرِ الآدميِّ.

وقال قومٌ: يجوزُ دخولُ النّسخِ على الخبرِ، كما يجوزُ على الأمرِ والنهي والإباحةِ.

واختارَ أبو بكرٍ بن الباقلاّني المنعَ من دخولِ النّسخِ على خبرِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وما يُخبرُ به الرسولُ عنه أيضاً، قال: فأمَّا ما أمَرَنا بالإخبارِ عنه في حال، فيجوزُ أن ينسخَه بأن ينهانا عن الخبرِ عنه. وهذا عندي من قولِ أبي بكر يعطي أنَّ ألنّسخَ إجازة على الحكمِ، لأنَّه إذا أمرَنا بالخبرِ عن شيءٍ، فذاك أمرٌ، والأمرُ بالإخبارِ حكمٌ من الله، فكأنَّه عادَ يقولُ: الخبرُ لا يجوزُ نسخُهُ، والحكمُ يجوزُ نسخه، فلا يكونُ هذا تقسيماً للخبر، لأنَّ الأمرَ بالخبرِ ليسَ بخبير، وللآمرِ أن يَأمرَ بالخبرِ، وله أن ينهى عن الإخبارِ بذلكَ الخبرِ، ولا يكون ذلكَ نسخاً للخبرِ، لكن للأمرِ (١) به، فيصيرُ النهيُ عنه ضرباً (٢) من


= بعد مدةٍ، ليسَ على المكلفِ فعلُ الصلاةِ، لأن نسخَ ذلكَ لا يفضي إلى الكذب في الخبرِ، لأنّه يجوزُ أن تتغيرَ صفتهُ من حالٍ إلى حال، كما يجوزُ أن يتغيرَ حكمُ المكلفِ عن العبادةِ من زمانٍ إلى زمان.
وممّن ذهبَ إلى جواز نسخ هذا النوع من الأخبار، القاضي أبو يعلى كما في "العدة" ٣/ ٨٢٧ - ٨٢٩، والشيخ تقي الدين ابن تيمية كما في "المسودة" (٢٢٢).
وارجع في هذا الفصل إلى: "أُصول السرخسي" ٥٩/ ٢، و"الإحكام" للآمدي ٣/ ٢٠٥، و"شرح تنقيح الفصول" (٣٠٩)، و"شرح الكوكب المنير" ٣/ ٥٤٣.
(١) فىِ الأصل: "الأمر".
(٢) في الأصل: "صرفاً"

<<  <  ج: ص:  >  >>