للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصالح المسهِّلَةِ، وكما أنَّ الواجبَ يجلب التعبدَ (١) [و] التكليفَ ومَكابدة الطَّبع (٢)، والحظرُ كفّ للطباعِ، فالإباحةُ إطلاق وإراحة للطباعِ، وخروج عن ضنكِ التكليفِ إلى فساحِ التخلصِ والإطلاقِ.

فأمَّا شبهتُهُ، فإنَّه قالَ: قد أجمعنا على أن لنا واجباتٍ في الشرع من العباداتِ وغيرِها من الحقوقِ، ومحظوراتٍ يجبُ تجنّبُها، وكلّ ما لا يمكنُ فعلُ الواجبِ إلا به فواجب، وكل ما لا يمكنُ تركُ المنهيِّ إلا بفعله واعتمادهِ فواجب فعلُهُ، وهذه الصنائع والأعمالُ التي يُسمُّونها مباحةً، قاطعة عن المحظوراتِ ومشغلةٌ عنها، فكانتْ واجبةً، كالكفِّ لمّا كانَ منعاً من إيقاعِها كان واجباً، والأعمالُ كلُّها كفّ (٣) عن المنهياتِ فكانت واجبةً لا مباحةً، كالمُوصلاتِ إلى فعلِ الواجباتِ كلها، كالسبب إلى طلب ماءِ الطهارةِ، والستارةِ وجهةِ القبلةِ لأجلِ الصلاةِ أفعال واجبةٌ، لكن الواجبُ -وهي الصلاةُ- لا تتحقق إلا بتحصيلها، كذلك التروك للمعاصي لما كانت لا تتحقق إلا بكفٍّ (٤) عن الفعلِ، إما باشتغالٍ بفعلِ غيرِها، أو بتعطيل (٥) الأعضاءِ عن عملِها، كانَ ذلكَ كلُّه واجباً حيثُ كانَ تركاً لما وجبَ تركُهُ، فلا يبقى لنا شيءٌ مباحٌ.


(١) في الأصل: "التعبد التكليف".
(٢) في الأصل: "ومكابد الطمع".
(٣) في الأصل: "كفاً".
(٤) في الأصل: "لكف".
(٥) في الأصل: "بتعطية".

<<  <  ج: ص:  >  >>