للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لكن يكونُ تكليفاً هو خيرٌ لنا لا ينافي المنسوخَ، بل كانَ يصحُّ أنْ يجتمعَ معه.

قالوا: هذه التأويلاتُ أنَّ القرآنَ نفسَه ليسَ بعضُه خيراً من بعض، فلا بُدَّ أنْ تصرفوا (١) اللفظَ عن ظاهره إلى ما ذكرْنا منْ خيرٍ يعودُ إلى التكليفِ في نفسِهِ، لا إلى أنْ يؤتى بالحكمِ مضمَّناً له.

وقالوا: النسخُ عائد إلى الحكمِ لا إلى التلاوةِ، فإذا قال: نَنسَخ نأتِ بخيرٍ، رجعَ إلى حكم الآيةِ لا إلى لفظِ الآيةِ، وقد يكونُ حكمُ السنةِ خيراً لنا من حكمِ الآيةِ.

فصلٌ

في الأجوبةِ عن هذهِ الأسئلةِ

أمَّا قولُهم: الخيرُ يرجعُ إلى ما يخصُّنا من سهولةٍ أو ثوابٍ، لا يصحُ؛ لأنَّه لو أرادَ ذلكَ لقالَ: "لكم" فلما حذفَ ذلكَ دلَّ على ما يقتضيه الإطلاقُ، وهو كونُ النسخِ خيراً من جهةِ نفسه وذاتِهِ: ومن جهةِ الانتفاعِ به في العاجلِ والآجل.

على أنَّ ظاهرهُ يقتضي: "نأتِ بآيةٍ خيرٍ منها"، فإنَّ ذلكَ يعودُ إلى الجنس، كما إذا قالَ القائلُ: ما آخذُ منك ديناراً إلا أُعطيك خيراً منه، لا يعقلُ بالإطلاق إلا دينارٌ خيرٌ (٢) منه، فينحرسُ الجنس أولاً ثم النفع، فأمّا أنْ يرجعَ ذلكَ إلى ثوبٍ، أو عَرَضٍ غيرِ الدينارِ، فلا.


(١) في الأصل: "تصرفون".
(٢) في الأصل: "ديناراً خيراً".

<<  <  ج: ص:  >  >>