للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبولُنا منْهُ بدليل إعجازِ القرآن، فما نسخنا القرآنَ إلا بمثله في المعنى الذي ثبتَ به.

وفارقَ الإجماع، فإنه إنما يتحققُ في الوقتِ الذي انقطعَ الوحيُ، ولم يبقَ سوى الاجتهاداتِ، وهو أمرٌ يحتاجُ إلى استنادِه (١) إلى دليل، فإنْ حصلَ الإجماعُ على أنَّ الآيةَ منسوخةٌ بنقلٍ، حُكِمَ بالنسح بدليلِ النقلِ، وإنْ كان العقدُ على أنَّ الآيةَ منسوخةٌ بغيرِ نقل، بل بمجردِ (٢) الاجتهاد، فموتُ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أوجبَ تقريرَ (٣) الأحكامِ النازلةِ من السماء، فلا يبقى للاجتهاد عملٌ، إلا في حوادثَ لا نقلَ فيها، بخلافِ السنة المتواترة؛ فإنَّها تستندُ إلى الوحي الذي طريقُه طريقُ القرآنِ، فهي (٤) بمنزلةِ القرآنِ في القوةِ، فلم (٥) يبقَ بينهما اختلافٌ إلاَّ في نفسِ الصيغ والنطق، وذلك لا يوجبُ فرقاً فيما يتعلق بقوة الإثبات (٦ .... ٦) بين كلام رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. (٦ ..... ٦) الأحكام ونسخها، وبين المتواترِ من الأخبارِ عنْهُ، وإنْ كان بينهما رتبةٌ في الفضلِ، فإن من سمع لفظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أفضلُ ممن سمع عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -، فذاك صحابي، وله فضلُ السماعِ منه، والصحبةِ له، لكن لَمَّا تساويا في القطعِ، ألغينا في الإثباتِ والرفع رتبةَ الفضل، كذلك هاهنا.

ومن ذلك: أنه ليس في رفعِ حكمِ القرآنِ بالسنةِ إحالةٌ، ولا إفسادٌ للتكليف، ولا مناقضةٌ؛ فإنَّه إذا قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إنَّ الملكَ تَنزلَ إليَّ


(١) في الأصل: "استفاده".
(٢) في الأصل: "لمجرد".
(٣) في الأصل: "تقدير".
(٤) في الأصل: "فهو".
(٥) في الأصل: "ولم".
(٦ - ٦) طمس في الأصل بمقدار أربع كلمات.

<<  <  ج: ص:  >  >>