للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آنفاً، فقال: إنَّ الله قد أسقط عنك وعن أمتك حكمَ آيةِ كذا، وجعلَ حكمَها مرفوعاً كأنْ لم يَنْزِلْ عليك، وجبَ التعويلُ على ذلك، والتصديقُ له، بالطريق الذي صدقناه به في جعلِ اللهِ لذلك الكلامِ الذي أعجزَ الفصحاءَ، فكان (١) شاهدَ نفسهِ، فلا نجتاجُ إلى مُخبِرٍ يخبرُنا بأَنه كلامُ الله.

ولقائل [أن] يقول: فالنسخُ قد يقعُ على ما لا إعجازَ فيه، وما لا إعجازَ فيه لا يثبتُ بمعنىً يختصُّهُ، بل يحتاجُ إلى نقلٍ يحصلُ به العلمُ، وإنَّما يصحُ ما ذكرتَه مِنَ الإعجازِ، في السورة المديدة.

وقد أجبتُ في النظر عن هذا: بأنَّ القرآنَ عندي لا يحتاجُ إلى طريقٍ، فلو (٢) نَقَله مَنْ نَقَلَه، كان القرآنُ شاهدَ نفسِهِ؛ بأسلوبِه ونمطِهِ الذي لا يختلطُ به سواه، فهو حافظٌ نفسَهُ عن اختلاطِ (٣) غيرِهِ بهِ، وشاهدُ نفسِهِ بكونِهِ منقطعاً عن كلِّ (٤) كلامٍ، فلا حاجةَ بنا إلى نقلِ آحادٍ أو تواترٍ، فلو وجدناه في صحيفةٍ، لحكمنا بنمطه وأسلوبه بأنَّه قرآنٌ، وأنَّه كلامُ اللهِ، كما أنَّ قلبَ العصا حيَّةً، وإحياءَ الميتِ، وإخراجَ ناقةٍ من صخرة، لايحتاج إلى (٥ نقل آحادٍ أو تواتر لتصديق ٥) قول من ظهرت على يديه، بل من ظهرت على يديه، صحَّتْ دعواه بالرسالة (٦)، وخبرُه بها، وهي شاهدةٌ لنفسها بعجزِ الخلقِ بأنَّها (٧ ....... ٧) في إنزالِ تلك الآية، وكنا مستصلحين بالرفعِ لها، كما كُنَّا مستصلحين


(١) في الأصل: "كان".
(٢) في الأصل: "ولو".
(٣) فى الأصل: "اخلاط".
(٤) في الأصل: "محل".
(٥ - ٥) طمست في الأصل.
(٦) طمس في الأصل.
(٧ - ٧) في الأصل بياض بمقدار أربع كلمات.

<<  <  ج: ص:  >  >>