للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في الأجوبة

أما الأولُ: فإنَّ البيانَ هو التبليغُ، وكونُهُ مبلغاً لا يمنعُ أنْ يردَ (١ بلاغه بوحي من الله ونطقٍ ليس من ١) القرآن، وتارةً يرد بنطقِ القرآن (١ الذي أوحي إليه، فكلاهما وَحْيُ الله ١)، فوحيُ الله إذا بينه بوحيهِ، لا فرقَ بينَ كونهِ كلامَ الله، أو إلهامَ اللهِ، فكلاهما (٢) من عندِهِ، ولهَذا جازَ تخصيصُ السنةِ بالقراَنِ، وهيَ أحدُ البيانينِ.

وأمّا قولُهم: لشىَ منْ جِنْس السنةِ، فلا عبرةَ بالجنس بعدَ تساوي الجهةِ التي صدرَ عنها الأمرانِ: الناسخُ والمنسوخُ، والَمبيَّنُ والبيانُ، فكلاهُما (٣) وحيُ الله، إذ لا ينطقُ إلاَّ عَنْ وحي، ولوْ نَطَقَ باجتهادِهِ، لم يَمْتَنعْ أنْ يردَ نطقُ القرآنِ رافعاً [و] ناسخاً لما حكمَ بِهِ باجتهادِهِ.

فعلى كلا الأمرينِ: لا يمتنعُ نسخُ الجِنْسِ بغيرِ الجنسِ، وهما يجريانِ مجرى الجنسِ الواحدِ، لكونِهما من عندِ الله، وإلهامَه وحكمَه المشروعَ بأمرِهِ ووحيهِ، ولهذا جازَ بيانُ كلِّ واحدٍ منهما بالآخرِ في بابِ التخصيصِ.

وأمَّا الأصلُ الذي قاسُوا عليه، وهو نسخُ القرآنِ بالسنةِ، فإنَّا لا نسلِّمُهُ؛ على ما اخترْنَاهُ من نسخِ القرآنِ بالمتواترِ من السنةِ، ومَن سلَّمَهُ لم يُعَلِّلْ بأنَّهُ ليسَ من جنسِهِ، ألاَ تَرَى أنَّ الآحادَ من السُّنَنِ مِنْ


(١ - ١) طمس في الأصل.
(٢) في الأصل: "كلاهما".
(٣) في الأصل: "وكلاهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>