للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الصافات: ١٠٧]، ومعلومٌ أنَّ الفداءَ ما كانَ قائماً مقامَ المفدى فإذا كانَ الذبحُ قد وقَعَ، والحلقُ انقطع حقِّ إسحاق والكبشِ، فهما جميعاً مذبوحانِ، فلِمَ كانَ الكبشُ فداءً؟!.

وأمَّا قولُهُ: {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا} [الصافات: ١٠٥]، فإن التصديقَ إنما عادَ إلى أفعالِ القلْبِ من الاعتقادِ وتصميم العزمِ، وتحصيلِ أدواتِ الفعلِ، وتلِّ ولدِه للجبينِ، وإمرارِ المُدْيةِ علىَ الحلقِ، وليسَ إليه في التصديقِ سوى هذا، فسمَّاهُ مصدقاً، لإثباتِهِ لكلِّ (١) فعلٍ ظاهرٍ دل على تصديقهِ، ولما اطَّلَعَ الله سبحانه عليه؛ من باطنِ قصده وعزمه وعقده، ولهذا قال سبحانه فيِ الضحايا: {لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلَا دِمَاؤُهَا} [الحج: ٣٧]، فأسقط حكمَ الذبح، وتفريقِ اللحم، وذكرَ أنَّهُ لا يقبلُ إلا خلوصَ القصدِ، وسلامتَه من الرِّياء، وقولُه تعالى: {إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ} [الصافات: ١٠٥] المرادُ بِهِ: الاعتقاد (٢ والإخلاص لله عز وجل ٢) وأَمَّا قولهم: (٢ أرادَ ابتلاءَ٢) صبرهِم (٢ واختبارَ سِرِّهم. لا يليق بجلال الله ٢) سبحانه، لأنه العالم بأحوال خلقِه، ومقاصدِهم، وسرائرِهم، ومقاديرِ صبرِهم، وإنما يفعلُ فعلَ المختبرِ، فيقعُ عليه الاسمُ مجازاً، كالغضبِ والآسفِ، وكلُّ ذلكَ لصَدْرِ أفعال الغضبانِ والأَسِفِ، لا أنَّ حقيقةَ الغضبِ -وهو غليانُ دمِ القلبِ طلباً للانتقامِ- مما يصحُّ عليهِ، ولو كانَ الامتحانُ حقيقةً في حقِّه، والغضبُ حقيقةً في حقه، والرَّحْمةُ (٣) حقيقةً في حقِّهِ، لكانت الحدودُ لهذه الحقائقِ منطبقةْ عليه سبحانَهُ، كانطاقِ حَدِّ العلمِ والقدرةِ والحياةِ والإرادةِ،


(١) في الأصل: "بكل".
(٢ - ٢) طمس من الأصل.
(٣) في الأصل: "الرحم".

<<  <  ج: ص:  >  >>