للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قولِه: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [الفتح: ٢٧]، {وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} [الروم: ٣]، وخبر الماضي: {إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} [نوح: ١]، {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ} [الروم: ٤٧]، والصيغ بالأخبار أكثرُ من أن تحصى في كتابِ الله سبحانه، وتَخاطُبِ العربِ بها.

فصلٌ

في شُبَهِهِم

قالوا: هذه الصيغةُ قد تردُ، والمرادُ بها الأمرُ، كقوله: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} [البقرة: ٢٣٣] و {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ} [البقرة: ٢٢٨]، {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} [آل عمران: ٩٧]، وكم أُمٍّ لا ترضع، ومطلقةٍ لا تتربصُ، وزمانٍ يكونُ في الحرمِ مخوفاً غير آمن، وخبرُ الله تعالى لا يكون (١) بخلاف مُخبَرِه، فإذا وردت هذه الصيغة مطلقةً، غيرَ مقيدةٍ بقرينةٍ، ولا دلالةٍ تدلُّ على صرفِها إلى الخبرِ، وجب التوقفُ فيها، وكان أكثرُ ما تعطينا الصلاحيةَ للخبرِ، فأمّا الوضع والاقتضاءُ، فلا، وصارت كسائرِ الألفاظِ المشتركةِ، كقُرْء، وشفق، وجونٍ، ولونٍ.

فيقالُ: هذه الدعوى معكوسةٌ، بل الصيغة موضوعةٌ؛ بدليلِ ما ذكرنا، وتصرفُ بدلالةٍ وقرينةٍ إلى الأمر، فتكونُ لامُ الأمرِ محذوفةً، وتقديرُه: لِتُرضِعْنَ، ولِتَتربَّصنَ، ومن دخلَه، فأمِّنوه، فالوضعُ الأصل، والصرفُ لها من الخبرِ إلى الأمرِ بدلالةٍ وقريية، ويوضَحُ


(١) كتب في الأصل فوقها: "يقع"

<<  <  ج: ص:  >  >>