للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا الشاهدُ الواحدُ، فيجبُ عليه الإبلاع، لأنَّه يمكنُ بناءُ اليمينِ عليه فيما يقبلُ الشاهدَ واليمينَ، وإتمامُ العددِ مكانِ النصِّ عدى عدد مخصوصٍ، وها هنا لم نَعتبِرْ عدداً، فننتظرَه، ولا توقفَ الإنذارُ عليه، فيُعلَّقَ وجوبُ العملِ به، لأنَّ الأصلَ ما ذكرنا، وأنَّ كلَّ من وجبَ عليه الإعلامُ لشخصٍ (١)، وجبَ على الشخص الذي أُعلِمَ العملُ بقوله، كالأذان لما وجبَ، وجبَ إجابته بالعملِ به صلاةً، وإفطاراً في المغربِ، أو إمساكاً في الفجر، وكذلك الفتوى، وكذلكَ تبليغُ النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته؛ حيث قيل له: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: ٦٧]، فإنه حيثُ وجبَ عليه ذلك، وجبَ على المُبلَّغينَ من الأُمَّةِ العملُ به.

فإن قيل: الحذرُ لا يعطي العملَ بخبرهم إلا على وجهٍ؛ وهو أنْ ينظرَ في التبليغِ والإنذارِ، ويعمل بما يقتضيه الدليلُ، فأمَّا أن يوجبَ قبولَ خبرِه، فلا.

قيل: الحذرُ المُعَلَّقُ على إنذارِهم، يقتضي أنَّه حذَّرَ من مخالفةِ إنذارهم، وتركِ العملِ به، فأمَّا أن ينضمَّ إلى إنذارهم دليل، فلا وجه له، ولا يعطي ظاهرُ الآيةِ ذلك، ومن لم يعمل بخبرِ المنذِر فما (٢) حَذِرَ، فالآية تقتضي الحذرَ بمجردِ الإنذارِ، ولو كان ذلك واقفاً على دليلٍ، لم يكن عملاً بالإنذار، بل كانَ العمل بذلك الدليل.

فإن قيل: لا حجةَ في الآيةِ؛ لأنَّ الطائفةَ قد تقعُ على ما يحصلُ به العددُ الذي يحصلُ بخبرِهم العلم: الأربعةُ، والاثنا عشر،


(١) في الأصل: "بشخص".
(٢) في الأصل: "فيما".

<<  <  ج: ص:  >  >>