للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أن قالوا: تلكَ آحاد استندت إلى دلالةٍ قطعيةٍ، وهي إجماعُ الصحابةِ، فإنَّهم لم ينكروا خبراً منها، فصار إمساكهم عن النكير إجماعاً على قبولها، وهذه الأخبار لا حجةَ معها.

فيقال: لو كانَ عندهم من ذلك ما عند الراوي، لما أشكلت عليهم الأحكامُ التي تضمنتها الأخبارُ، فلما كانوا قبل الروايةِ واقفين في الأحكامِ، عُلِمَ أنَّهم لم يعلموا ذلك، ولا علموا (١) إلا بها.

ومنها: أن قالوا: إن تعلقتم بقبولِ من قبلها، قابلناكم بردِّ من رَدَّها، وليس أحدُهما بأَوْلى من الآخرِ، وبطل دعوى الإجماع منكم، والدلالةُ على ما ادعينا من الردِّ المرويِّ عنهم لأخبارِ الآحَادِ: ما رويَ أنَّ أبا بكرٍ لم يقبل خبرَ المغيرةِ في ميراث الجدةِ حتى انضمَّ إليه خبرُ محمد بن مسلمة.

وعمر رَدَّ حديثَ أبي موسى في الاستئذانِ، وهو أنَّ أبا موسى استأذن على عمرَ ثلاثاً، فلم يؤذن له، فانصرفَ، فبعثَ إليه عمرُ: لِمَ انصرفتَ؛ فقال: سمعتُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "إذا استأذنَ أحدُكم على صاحبهِ ثلاثاً، فلم يؤذن له، فلينصرف" فقال: من يشهدُ لك؟

فمضى أبو موسى إلى الأنصارِ، فقالوا: نبعثُ معك بأصغرنا أبي سعيد الخدري. فلم يقبل قولَه حتى روى معه أبو سعيد الخدري (٢).


(١) في الأصل: "عملوا".
(٢) أخرجه مالك ٢/ ٩٦٣ - ٩٦٤، والبخاري (٢٠٦٢) و (٦٢٤٥) و (٧٣٥٣)، ومسلم (٢١٥٣)، وأبو داود (٥١٨٠) و (٥١٨١) و (٥١٨٢)، والتر مذي (٢٦٩٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>