للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيقال: جميعُ ما ذكرتَ يَتسلَّطُ على القياس المستنبط؛ لأنَّ الخبرَ أصلُ القياس، وإذا كانَ أصلُه تتسلطُ عليه هذه الوجوهُ من الفساد، ويزيدُ عليهَ الخطأُ في الاجتهاد، لم يبق للقياس ميزة على الخبر؛ إذ كان فرعاً له.

ولأنَّ الترجيحَ إنَّما يحصلُ بوجوهِ الإثباتِ؛ ككثرةِ الأشباه بالأصول على ما هو أقلُّ شبهاً بها، وكذلك الخبرُ بكثرةِ الرواةِ على ما قل رواتُه، ولا يُرَجَّحُ خبرُ المغفلِ على خبرِ الفاسقِ، ولا ما وُجدَ فيه سببٌ من أسباب الفساد على ما وجدَ فيه سببانِ من أسباب الفسَاد.

ولأنه كان يجبُ [أن يكونَ] خبرُ الواحدِ أَوْلى من القياس، لاجتماعِ أربعةِ الأَوْجهِ (١) من الفساد، والخامسِ؛ وهو الخطأ المُتطرِّقُ على الاجتهاد.

ومنها: أن قالوا: إن الخبرَ طريقُه اللفظُ المتطرق عليه المجازُ والإجمالُ والاحتمالُ، ولا يتطرقُ على المعنى المستنبط شيءٌ من ذلك.

فيقال: هذا موجودٌ في آي الكتابِ، والسُّنَةِ المتواترة، ولا يوجبُ ذلك تقديمَ القياسِ عليهما.

ولأنَّ الخبرَ يستندُ إلى قولِ المعصومِ، والاجتهادَ يستندُ إلى رأي غير المعصوم، ولأنَّه يستندُ إلى الخبر وهذه حالُه، فإِن ضَعُفَ الخبرُ لِمَا ذكرتَ من تَطرُّقِ هذه الوجوه، كانَ المستندُ إليه -وهو القياسُ- أضعفَ.


(١) في الأصل: "الأربعة أوجه".

<<  <  ج: ص:  >  >>