للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كان هذا معروفاً من عادتهم، فلو كانَ عندهم أنَّها غيرُ مقبولةٍ، كانوا قد ضَيَّعُوا سُننَ رَسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - بهذا الفعلِ، وذلك لا يجوزُ، فلا يظنُ بهم اعتمادٌ، مع شهادةِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهم بالخير والعدالة.

ومنها: أنَّ إرسال الراوي مثبتٌ لعدالةِ من رَوَى عنه، من وجهين: أحدهما: أنَّه لا يجوزُ أن يكونَ فاسقاً، ويكتمَ اسمَه، ويُدرِجَه إدراجاً، فيكون غِشَّاً لمن يُحدِّثُه بذلكَ الحديث عن رسولِ الله.

والثاني: أنَّه إذا روى عن غيرِ ثقةٍ، كانَ قد قطعَ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بغيرِ طريقِ القطعِ، فلم يبقَ إلا أنّه تعديل لمن روى عنه، وإذا كان تعديلاً له، وجبَ قبولُ خبرِه، وقد جعلَ أحمدُ روايةَ العدلِ عن غيرِه تعديلاً، فقال في كتاب "العلل" للأثرم: إذا روى عبد الرحمن (١)


= عليهم، وعنه روى: حمَّاد، ومكحول الشامي، وعطاءُ بن السائب، وابن أبي ليلى، وأبو حنيفة، وغيرهم، كان من أعلام عصره، حتى قال: ما سمعت منذ عشرين سنة رجلاَ يحدَث بحديث إلا أنا أعلم به منه، فلقد نسيتُ من العلم ما لو حفظه رجل، لكان به عالماً. ثوفي سنة (١٠٤) هـ، وقد بلغ ثنتين وثمانين سنه.
انظر "طبقات ابن سعد" ٦/ ٢٤٦، و"وفيات الأعيان" ٣/ ١٢، و"سير أعلام النبلاء" ٤/ ٢٩٥، و"تهذيب التهذيب" ٥/ ٦٥.
(١) يريدُ الإمامَ الناقدَ عبد الرحمن بن مهدي بن حسَّان البصري اللؤلؤي، سمعَ من: حمادِ بن سلمة، والسفيانين، ومالك، وحدَّث عنه: ابن المبارك، وأحمدُ، وإسحاق، وأقوالُ العلماءِ في الثناءِ عليه، وبيان فضله ومقامه، وعلو رتبته في العلم، عديدة وكثيرة، قال فيه ابن المديني: كان أعلم الناس، وقال محمد المقدَّمي: ما رأيت أحداً أتقنَ لما سمع، ولما لم يسمع، من =

<<  <  ج: ص:  >  >>