للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفِضًةِ: جنسٌ، وقد سَمَّاه الشرعُ بذلك، فجعل الفضةَ جنساً، والذهبَ جنساً، وهذا صحيحٌ، لأن آحادَ الجنس يَسُد بعضُها مَسَد بعضٍ من الحيوانِ والنباتِ، وما لم يَسُد بعضُه مَسَد بعضٍ-وإن كان جوهراً- ليس بجنسٍ؛ لاختلافِهما في الفَصْل والخَصيصَةِ، وهذه الطريقةُ ألْيَقُ بالفقهِ، والأولَى أقْرَبُ إلى مذهبِ الأوائلِ.

فصل

والوسَطُ من هاتينِ الطريقتينِ أن لا نقولَ: إن التَجنسَ يقِفُ على الجَوهَريةِ فقطْ، ولا جنسَ إلا الجوهرُ، ولا نقولَ ما ذهبَ إليه أبو حنيفةَ من أنَ الصنعةَ ما تجنَسُ، كتلْفِيقِ الغَزْلِ ثوباً، وتَفريقِ الحَب دقيقاً، لكن نقولُ: إن العارضَ على الجوهر والدَخِيلَ عليه، إن كانَ لازماً كالذهبيَّةِ في الجوهرِ والفضيةِ؛ صارَ به كأنَهُ جنسٌ آخَرُ، وإن كان الدَخيلُ غيرَ لازمٍ مثلَ الحركةِ والسكونِ، والحُمُوضةِ والحَلاوةِ؛ لم يَصِرْ به كالجنسِ الآخَرِ، وهذا أشبهُ بمذهب الفقهاءِ، والشرعُ يُصَدقُه [حيثُ جعلَ] (١) الذهبَ جنساً والفضةَ جنساً، ولم يجعلِ الصناعةَ في الذهب جنساً غيرَ جنسِ سَبائِكِه، ولا جعلَ حُموضَةَ اللَّبَنِ جنسَهُ، ولا حلاوتَةَ.

فصل

وأهل اللغة يقولونَ: جنسُ الرُّومِ، وجنس التُّرْكِ، وجنسُ السندِ، وجنس الزَنْجِ، وما شاكلَ ذلك، ويذهبون إلى اتَفاقِ تلك الجملة الممَيَّزَةِ من غيرِها.


(١) ما بين حاصرتين زيادة يتم بها المعنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>