كتاب الواضح في أصول الفقه

عبدوسِ بنِ مالك العطارِ: "أفضلُ النَّاسِ القرنُ الدين بُعِثْتُ فيهم" (١)، كلُّ مَن صحبَهُ سنةً أو شهراً أو يوماً أو ساعةً أو رآهُ فهو مِنْ أصحابهِ، له مِنَ الصُّحبةِ على قدرِ ما صحبَهُ. فقد أطلقَ اسمَ الصحبةِ على مَن رآه وإِن لم يختصَّ بِهِ.

وحَكَى أبو سفيان عن بعضِ مشايخِه (٢): أنَّ الصَّحابيَ إنَّما يُطلَق على مَنْ رَأى النبي - صلى الله عليه وسلم - واختصَّ به اختصاصَ الصَّاحبِ بالمصحوبِ، سواء روى عنه الحديثَ أو لم يَرْوِهِ، أخَذَ عنه العلمَ أو لم يأخذْ. فاعتَبَرَ تطاولَ الصُّحبةِ في العادةِ.

وحكى أبو سفيان عن عمرو بن بَحْر (٣) أنَّ هذا الاسمَ إنما يُسمَّى به مَنْ طالتْ صحبتُه بالنبي - صلى الله عليه وسلم - واختلاطُه به وأخذَ عنه العلمَ، فهذا القائلُ اعتبرَ طولَ الصحبةِ مع نقلِ العلمِ.

وحكى الإسفرايينيّ: أنَّ الصحبةَ في العرفِ عبارةٌ عمَّنْ صحبَ غيرَهُ، فطالت صحبتُهُ له ومجالستُهُ معه.

(١) تقدم تخريجه ٤/ ٤٣٣.
(٢) في الأصل: "مشايخهم"، انظر "العدة" ٣/ ٩٨٨ وأبو سفيان، هو محمد بن أحمد السرخسي الحنفي، تقدما ترجمته ٣/ ٣٦١.
(٣) في الأصل: "عمرو بن يحيى"، والمثبت من "العدة" ٣/ ٩٨٨، و "المسوَّدة" ٢٩٢، وزاد في "المسوَّدة" كنيته وهى: أبو عثمان، فتعين بهذا أنه المعروف بالجاحظ، والله تعالى أعلم.