للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأمَّا المنفردُ بزيادة قِيمةٍ على جماعةِ المقوِّمين، فالتقويم ظنٌّ واجتهادٌ، وآنئذٍ الخطأُ في جانب الواحد، وهو عن الاثنينِ أبعدُ، فأمَّا البيِّنةُ، فلا يغلطُ الإنسانُ، فيروي ما لم يسمع، وما لم يشهد.

فصل

إذا سمع خبراً فأرادَ أنْ يرويَ بعضَه ويتركَ بعضَه، ففيه تفصيلٌ:

فإنْ كانَ يتضمَّن أحكاماً يتعلَّقُ بعضها ببعضٍ، لم يجزْ أَنْ يفصلَ ويقطعَ البعضَ عن البعضِ ويرويَه، مثل قولِهِ: "نهى رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عن بيع الطعامِ" (١)، ويقطعُة عنْ تمامِهِ وغايتهِ وهو قولُه: "حتى يَحُوزَهُ التّجارُ إلى رِحالِهم"، فيتغيَّرُ الحكمُ بروايةِ بعضِهِ.

وأمَّا ما يكون فيهِ حُكمانِ لا تعلُّقَ لأحدهما بالآخرِ، مثلُ قولِهِ: "لا جلبَ ولا جنبَ" (٢)، فيروي ذلكَ في السِّياقِ ويحذفُ قولَهُ: "ولا شغارَ" فجائزٌ، وكذلكَ: "جَرحُ العَجماءِ جُبَارٌ، والرجلُ جُبَارٌ" (٣) ولا يروي "وفي الرِّكازِ الخُمس"؛ لأَنَّ كلَّ حكمٍ مِنْ هذهِ مستقلّ بنفسِهِ، فيصيرُ كُلُّ حكمٍ. بمثابةِ الخبرِ القائِمِ بنفسِهِ معَ خبرٍ آخر، لا يلزمُهُ أنْ يروي الخبرينِ، كذلكَ الحُكْمان (٤) في الخبرِ الواحدِ.


(١) تقدم تخريجه ٢/ ١٥٠.
(٢) تقدم تخريجه ١/ ٥١.
(٣) تقدم تخريجه ٣/ ٤١٣.
(٤) في الأصل: "الحكمين".

<<  <  ج: ص:  >  >>