للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتِّباع السَّبيل الذي كانوا بِهِ مؤمنينَ، وهوَ الإيمانُ.

يدلُّ على ذلكَ: أَنَّهُ لَوْ قالَ: مَنْ لم يتبعْ سبيلَ أهلِ العدالةِ أوِ الخيرِ، ولَّيْنَاهُ ما تَوَلَّى، رجعَ إلى سبيلهِم في الخيرِ والعدالةِ، كذلكَ يجب رجوع الاتباع هاهُنا فيما كانوا بِهِ مؤمنينَ، لا بما آمنوا بِهِ مِنَ الفروع.

ومِنْها: أَنْ قالوا: المؤمنون (١) لا معرفةَ لنا بأعيانِهم، ولا بالاعتقاداتِ التي يكونون (٢) بها ولأجلها مؤمنينَ، فلمْ يبقَ أَنْ تكونَ الحَوَالة إلاَّ على مشاقَّةِ الرَّسولِ الذي وَضَحَتْ دلالتُهُ، وبانَ برهانُهُ بالمعجزاتِ الباهرةِ.

ومنها: أَنْ قالوا: إنَّ الله تعالى إنَّما أَلْحقَ الوعيدَ. بمتبع غيرِ سبيلِ المؤمنينَ، وغيرُ المؤمنينَ هُمُ الكفَّار، فكأَنَّه قالَ: مَنْ يُشاققِ الرَّسولَ ويكفُرْ، نولِّهِ ما تَوَلَّى، وليسَ فِى الآية سوى هذا نطقاً، ونحنُ قائلونَ به.

ومنها: أَنَّ الوعيدَ إِنَّما أضافَهُ إلى مَنِ اتَبعَ غيرَ سبيلِ المؤمنينَ كلِّهم، وذلكَ يَعُمُّ كل مؤمنٍ إلى يومِ القيامةِ، وذلكَ لا يتحققُ حجَّةً في عصرٍ منَ الأَعصارِ، فلم تتحقَّق مِنَ الآيةِ دلالةٌ.

ومنها: أَنَّة لَوْ كانَ المرادُ بالوعيدِ مخالفةَ كلِّ مَنْ هوَ مؤمنٌ حقيقةً، لعَمَّ العالِمَ والعاميَّ، فلما لَمْ يعمَّ عُلِمَ أَنَّه لم يَعُدِ الوعيدُ إلى الإجماع الذي ذهبتَ إليهِ، إذْ ليس بعضُ المؤمنينَ بحكمِ لفظِ الآيةِ أَوْلى مِنْ بعضٍ.


(١) في الأصل: "المؤمنين".
(٢) في الأصل: "يكونوا".

<<  <  ج: ص:  >  >>