للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما قولُهم: إنَّما أُلحِقَ الوعيدُ. بما تضمَّنهُ النّطقُ: وهو اتباعُ غيرِ سبيلِ المؤمنينَ وهمُ الكفارُ، فكأنَّهُ قالَ: [مَن] يشاققِ الرَّسولَ (١ ويكفُرْ نُوَلِّه١) ما تَوى ونُصْلِه جهنمَ، فغيرُ صحيح؛ لأنهُ لو أرادَ ذلكَ فقطْ منْ غيرِ إيجابِ اتِّباع سبيلِ المؤمنينَ، لقَنِعَ بذكرِ مشاقةِ الرَّسولِ، ففيها الكفر، والوعيدُ يكفي في ذلكَ، فلمَّا عطفَ اتباعَ غيرِ سبيلِ المؤمنينَ على مشاقَّةِ الرَّسولِ، عُلِمَ أنَّه أمرٌ يستحقُّ الوعيدَ عليه (٢).

وأمَّا قولُهم: إنه أضافَ الوعيدَ إلى مَنِ اتَّبعَ غيرَ سبيلٍ المؤمنينَ كلِّهم، وذلك يعمُّ كلَّ مؤمنٍ إلى يومِ القيامةِ، وذلك لا يتحققُ في عصرٍ من الأَعصارِ، فغيرُ لازمٍ؛ لأنَّ الوعيدَ إنَّما لحق. بمخالفةِ ما يمكنُ مخالفَتُهُ، واتباع سبيلِ المؤمنينَ الذين لم (٣ يُخلَقُوا غير ممكن، وخلافهم أيضاً غير ممكنٍ لأنه لا يُعلم، فتسمية ... غير المخلوق مؤمناً لا تصحُّ ٣)، وإنْ سُمِّيَ كانَ مجازاً، فلا يتحققُ الإيمانُ إلاً في أهلِ العصرِ وهم بعضُ المؤمنينَ، فأمَّا جميعُهم فلا يدخلُ اتباعُهم تحتَ الإِمكانِ.

وأما قولُهم: إنَّهُ عادَ الوعيدُ إلى اتِّباع سبيل كلِّ المؤمنينَ، وذلكَ يدخلُ فيهِ العوامُّ معَ العلماءِ، فغيرُ لازمٍ؛ لأنَّ الآيةَ تقتضي أَنْ يكونَ المؤمنونَ مقسَّمينِ قسمينِ: قِسْماً تابعاً، وقسماً متبوعاً. ولو دخلَ العوامُّ


(١ - ١) في الأصل: "ويكفي قوله".
(٢) في الأصل: "غير".
(٣ - ٣) غير واضح في الأصل. وانظر "العدة" ٤/ ١٠٦٨، و"الستصفى" ١/ ٣٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>