للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإلحاق الوعيد. بمشاقَّتِهِ، فلو كانَ الإمامُ هو المعمولَ بقولِهِ خاصَّةً، لما أُغفِلَ ذكرُهُ، فلمَّا دخلَ في عمومِ المؤمنينَ دلَّ على أَنَّ حكمَهُ حكمُ واحدٍ منهم، إذْ يبعد أَنْ يغْفِلَ المتبوعَ ويكرَ الأَتباعَ، أَلاَ تَراهُ كيفَ قَدَّمَ ذكرَ الرَّسولِ عليه الصلاةُ والسلامُ، فلو كانَ الإمامُ هو المعتبرَ، لَذَكَرَهُ مُمَيَّزاً ومخصوصاً، لا في جملةِ أَتباعِهِ، كَمَا لم يَقنَعْ (١) بذكرِ النّبيِّ في جملةِ عمومِ المؤمنينَ.

وأمَّا قولُهم: إنَّ سبيلَ المؤمنينَ -وهم الفقهاءُ- إنَّما هوَ الاجتهادُ في الحوادثِ إِذا عَرَضَتْ، فأَمَّا التقليدُ فلا، وإذا كانَ كذلكَ كانتِ الآيةُ حجَّةً لنا، حيثُ أوجبْنا الاجتهادَ في الحادثةِ التي اتفقوا على حكمِها والقولَ بما يؤدِّي الاجتهادُ إليه، وإنْ خالف ما اتفقوا عليه، ليتحقّقَ الاتباعُ الواجبُ بالآيةِ، وأَمَّا المصيرُ إلى قولِهم معَ كونِ اجتهادِ المجتهدِ يؤدي إلى حكمٍ يخالف ما ذهبوا إليه، فليْسَ باتِّباعٍ لهم، إذْ ليسَ ذلكَ طريقَ بعضِهم معَ بعضٍ، ولا طريقَ كلِّ واحدٍ منهم. فهذا من أجودِ ما وردَ فيهِ نظرٌ، إذ (٢) لم أجدْ ما أرتضي سطرَه منَ الجوابِ.

والذي توجَّه لي أنَّ الصَّحابةَ -رضوانُ اللهِ عليهم- حيثُ تحرَّجوا البيعةَ على عليٍّ قبلَ عثمانَ، قالوا لَهُ: نبايعك على كتابِ اللهِ وسنةِ رسولِهِ وسيرةِ الشَّيخينِ، فقالَ: بلْ أجتهدُ رأيي (٣). فوجْهُ الدلالةِ أنَّه عَقَلَ


(١) في الأصل: "يتبع".
(٢) في الأصل:"إذا".
(٣) انظر "تاريخ الطبري" ٥/ ٣٨ - ٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>