للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورضيَ سعدٌ، ومَن تخلفَ عن بيعتِه تخلفصَ عناداً، أو تَقِيَّةً، أو لارتيابِ، أو لشبهةٍ عَرَصَت لَه إلى أنْ زالتْ.

وأمّا ابنُ عباسٍ فإنّهم لم ينكروا عليهِ اجتهادَه باجتهادِهم، وإنما رَوَوْا له الأخبارَ المرويَّةَ في رِبا الفضلِ، ولم يكن عندَه إلا ما رُويَ في ربا النَّسيئةِ، وكذلكَ رووا لَه نسخَ المتعةِ والرواياتِ التي تضمَّنتْ نسخها، فلزِمَهُ الرُّجوعُ إلى السُّنةِ، فأمَّا الاجتهادُ فلا، على أنَّ الإنكار الذي كان يجري بينهم لا يدلُّ على لزوم المذهب الذي دعا كلٌّ منهم إليه، فإنَّ مسائلَ الاجتهادِ كان كلٌّ منهم ينطق بحجَّتِهِ، ويجعلُ الإنكارَ لمخالفةِ الحجةِ، فهذا يقولُ: ألا يتقي الله زيدٌ؟ ايجعلُ ابنَ الابنِ ابناً، ولا يجعلُ أبا الأبِ أباً؟ (١) وهذا يقولُ: مَن شاءَ باهلني باهلته، والذي أحصى رملَ عالجٍ عدداً، ما جعلَ الله في الفريضةِ نصفاً ونصفاً وثلثاً (٢)، وإلى أمثالِ ذلكَ.

وأمّا دعواهم جواز إسرار الخلاف في حقِّ بعضِ المتفقينَ، فلا نُسَلِّمُهُ، لأَنَّ تجويزَ ذلكَ يمنع الثقة، ويزيلُ القطعَ والعصمةَ، وما ذلكَ إلابمثابةِ تجويزِ إسرارِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - لبعض ما أُوحيَ إليهِ وشُرِعَ له.

فصل

انقراضُ العصر معتبر لصِحَّة الإجماع واستقراره، فإذا تراجعَ بعض


(١) تقدم ٢/ ٣٧.
(٢) تقدم تخريجه ٢/ ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>