للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في الأجوبة عن شبههم

أما الآية فلا حُجَّةَ فيها؛ لأن مع المخالفة يكون السبيلُ سبيلَ بعض المؤمنين، والاَية تقتضي اتِّبَاع غيرِ سبيل المؤمنين أَجمعَ.

فإن قيل: فإذا كان مُقتَضَى الآية كلَّ المؤمنين، فالوعيدٌ لا يتَأتى، ولا يبقى مَن ينصرفُ إليه.

قيل: بل يَبقَى من ينصرفُ إليه؛ غيرُ المجتهدين، أو من يتحرَّفُ عن إجماع المجتهدين وهو مجتهدٌ، لكن يَترُكُ ذلك مُحاباةً أو عصبيةً أو تقليداً، وأَدْواءُ الأهواءِ كثيرةٌ، وأحقُّ ماصُرِفَ الوعيدُ إليها دونَ انصرافِه إلى الاجتهادِ.

وأما قولُ النبي - صلى الله عليه وسلم -:"امَّتي لا تَجتَمعُ على الخطأ، ولا تجتمعُ على ضَلاَلةٍ" (١)، فنحن قائلونَ به، وإذا اجتَمَعَت ومهما كان فيهم مُخالِف، فما اجَتَمَعت، لكنها اختَلَفَت.

وأما تعلّقهم بقول النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فغيرُ حُجَّةٍ من وجهٍ، و [هو] أن الحكم لا يستقرُّ إلا بعد انقطاع الوحي بموت - صلى الله عليه وسلم -، وعَدَمِ تَرقُّب النسخ، وإنما وَجْهُ أن يكون حجة من غير مُهلةٍ: لأن ما يَصدُر عنه لا يَصدُر عما يجوزُ عليه الرجوعُ، ولا تحصل إصابةُ الحق فيه بالتأمُّل والفكر، لكن بالوَحْي


(١) تقدم تخريجه ص ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>