للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأمَّا من عاصرَ من عاصَرَهم فلا يجوز، وحصولُ الشخص من أهل الاجتهادِ ليس بأمرٍ يَتجدَّدُ فَيتَسلسلُ ويتلاحقُ، لأن (١) ذلك في الثمار إذا بَدَا الصلاحُ بها تلاحَقَتْ، فأمَّا أن يلحقَ التابعيُّ بالصحابي، وتابعيُّ التابعي بالتابعيِّ فبعيد حصولُه، وما يَبعُدُ ويَندُرُ حصولُه لا يُوقِفُ حصولَ الاجماع ولا يَتعذَّر به.

وأما قولهم: إنَّ هذا يُفضي إلى زَوَال خَصيصةِ الإجماع: وهي العِصْمة ونَفْيُ الخطأ عنهم، فإذا جَوَّزتُم رجوعِ جماعتهم عما كانوا اتفَقُوا عليه من الرَّاي، لم يَبْقَ لأجماعهم عِصْمةٌ، ألا ترَى أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - لما خُصَّ بالعِصْمة لم يرجع عن قول قاله، ولا يجوزُ عليه تخطئةُ حكمٍ حَكَمَ به، فهذا أجودُ ماتعلقوا به وأَشكلُه.

فيقال: إنَّ الاجماع عندنا مشروطٌ، فإذا لم يُوجَدْ شَرطُه لا يكون إجماعاً، فلا يكون تخطئةً لما ضَمِنَ الشرعُ عِصمتَه، والشرط بقاءُ اعتقادِهم مع اجتهادهم إلى حينِ وفاتِهم، لأنَّ الرأي مختلف جداً، لا سيَّما إذا كان عليه أَمَارات تختلفُ، فما دامَ المجتهدُ باقياً، والأَماراتُ لائحةً، وأدواتُ الاجتهاد صالحةً (٢)، فالاعتدادُ بها واقع، وتخصيصُ (٣) عَيْن الرأي لا وجهَ له، على أنه ليس صَرْفُ الصِّيانة عن الخطأ والضلال [عن] الرأي الأول


(١) غير واضحة فِى الأصل.
(٢) في الأصل: "لائحة".
(٣) في الأصل: "تخص".

<<  <  ج: ص:  >  >>