للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أنّ هذا القولَ يفضي إلى أن الصّحابةَ قدْ ذهبَ عنهم، وخفيَ ما في هذا الحكمِ الذي أجمعَ عليهِ التّابعونَ مِن الحكمِ القطعيِّ، وهذا عينُ الخطأِ والضلال عنِ الحقِّ الذي نفاهُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ عُلماءِ أمَّتِه، ولا سيَّما أصحابُه، وما أَفضى إلى الباطلِ باطل.

ومنها: أنّ ما ذهبَ إليه المخالفُ يؤدِّي إلى أنْ يكونَ إجماعُ الصّحابةِ على تسويغ الخلافِ مشروطاً بعدمِ دليلٍ قاطعِ يجوز وجودُه، ويُترقّبُ كونُه [ناسخاً] (١)، وهذا يقطعُ عَنِ الثقةِ بإجماعِهم، ويُخرِجُه عن كونِه مقطوعاً به.

ومنها: أن إجماعَ [الصّحابة] (٢) أعلى وأقوى مِن إجماع غيرِهم عند التأمُّلِ، وذلك أنّ آحادَهم حجّة عند كثيرٍ مِن الأصوليينَ، وليسَ لغيرِهم مِن المجتهدينَ هذه الرّتبةُ.

ومنها: أن النّاسَ اختلفوا في إجماع غيرِهم ولم يختلفوا في إجماعِهم، سِوى مَن شذَّ ممَّنْ لا يُعَوَّلُ على خلافِه، وإذا ثَبَتَ هذا فقدْ حصَلَ إجماعُهم على تسويغ كلِّ ذاهبٍ ذهبَ إلى أحدِ المذهبينِ، فإذا جاءَ إجماعُ التّابعينَ، وهو أضعفُ على ما قرّرنا، فأزالَ التسويغَ وجعلَ أحدَ المذهبينِ مقطوعاً على خطئِه، كانَ إجماعُهم الأدنى الأضعفُ مُزيلاً لإجماع الصّحابةِ، وهذا لا يجوزُ، كما لا يجوزُ أنْ يقضيَ الظاهرُ على النصِّ.


(١) ليست في الأصل. انظر "العدة" ٤/ ١١٠٨ - ١١٠٩.
(٢) ليست في الأصل. انظر "العدة" ٤/ ١١٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>