للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشافعيِّ (١)، إلاّ أنّ أصحابَ أبي حنيفةَ (٢) قالوا: إنْ كانَ مِن أهلِ الاجتهادِ عندَ حدوثِ الحادثةِ، كانَ معتدّاً بِخلافِه، وإنْ لم يكنْ مجتهداً في ذلك الوقتِ، لكنَّهُ صارَ مجتهداً قبلَ انقراضِ العصرِ، فأظهرَ الخلافَ، لم يُعتَدَّ بخلافِه، خلافاً على ما حكاهُ أبو سفيانَ، وأصحابُ الشافعيِّ يجعلونَ خلافَهُ معتدّاً بِه إذا صارَ مجتهداً قبلَ انقراضِ عصرِ الصَّحابةِ.

فصلٌ

في أدلَتنا على نصرة الثَّانية

فمنها: أنَّ الصحابةَ سوَّغتْ للتابعينَ الذينَ أدركوهم الاجتهادَ معَهم فيما حدَثَ في عصرِهم مِن الحوادثِ، كسعيدِ بنِ المسيّبِ، وشريح القاضي، والحسنِ البصريِّ، ومسروق، وأبي وائلِ، والشعبيِّ، وغيرِ هم، بدليلِ أنَّ عمرَ وعلياً- رضيَ الله عنهما- ولَّيا شريحاً القضاءَ، ولم يعترضا أحكامَهُ بالنسخ مَعَ إظهارِهِ الخلافَ عليهما في كثيرٍ مِن المسائلِ، وكتبَ عمرُ -رضيَ الله عنْه- إليهِ: فإن لم تَجِدْ في السُّنَّةِ فاجتهدْ رأيَكَ (٣)، ولم يأمرْهُ بالرُّجوع إليهِ ولا الحكمِ بقولِه، وخاصمَ عليٌّ -رضيَ الله عنْه- إلى شريحِ ورضيَ بحكمِه حينَ حكمَ عليهِ بخلافِ رأيِه (٤).


(١) انظر "التبصرة " ٣٨٤.
(٢) انظر "فصول الأصول" ٣٣٤١٣.
(٣) انظر "أخبار القضاة" لوكيع ٢/ ١٨٩.
(٤) انظر "سنن البيهقي" ١٠/ ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>