للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في عَينِ الحادثةِ التي أمسك عنها، واجعلوا حُجَّتَكم هذه لتجويزِ الاجتهادِ، وإن أمسكوا وكل الاجتهادُ إليكم في عين الحادثة، ولما لم يُوجِب (١ ذلك جوازَ الاجتهاد في عين الحادثة١) التي حدثت بحَضْرته وأمسك عنها (١ فكذلك في نظيرتها، على أنه مستلزمٌ لتأخير البيان عن وقت الحاجة، وهو غيرُ جائز١) عليه، ولايجوزُ أن يكونَ عَلِمَ وأمسكَ، لأنَّ هذا هو عين تركِ البيانِ والتبليغ الذي أمرَه الله به، وقال له: {وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ} [المائدة: ٦٧] وقال {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤].

وإن كانَ لعُزوبِ الحكمِ عليه، فما عَزَبَ على النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - الحكم فيه لا يُشَكُّ أنَّ الأصلحَ أو الإرادةَ بتَرْكِ بيانِه، إذ لو أرادَ الله سبحانَه بيانَه، لمَا طواه عن نبيِّهِ وأوقعه للأمَّةِ من غير طريقهِ وبيانِه.

ومعلومٌ أنَّ المجتهدَ لابدَّ له من أصلٍ يستمدُّ منه اجتهادَه، وذلكَ الأصلُ هو ما كانَ في كتابِ اللهِ أو سنَّةِ رسولهِ، فإن كان ذلكَ موجوداً، فلا يجوزُ للنبيَّ تركُه، ولايجوز عزوبُه عنه، وإن لم يكن له أصلٌ، فهو حكمٌ بالواقع والنهي، وذلكَ ليسَ بطريقٍ، فلا وجهَ للاجتهادِ في نِظْرِ ما سكتَ النبيَّ عن الحكمِ فيه.

فإن قال مَنْ نصرَ جوازَ إلاجتهادِ (٢): قد يجوز أن يقعَ لبعضِ الأُمّةِ ما


(١ - ١) مطموس في الأصل، واستُدرِك من "المسودة" ٣٤٥.
(٢) انظر "العدة" ٤/ ١٢١٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>