للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنَّ ظاهرَ اللفظِ يقتضي أن تكونَ سنّتُهما العملَ بالنُّصوصِ والطواهِر، والاجتهادَ فيما لانصَّ فيه ولاظاهرَ من كتابٍ ولا سنة.

وأمَّا قولُ عمر في الجدِّ: "اتبعوني" فإنّما أرادَ اتباعَه في الدَّليلِ، كما يدعو بعضنا بعضاً إلى ما نعتقده من المذهبِ والدليلِ، دونَ التَّقليد، ولأنَّ عليّاً خالفهم فِى ذلك، لأنه قال: أجتهدُ رأي جُهدي وطاقتي.

وأمَّا قولهم: يسوغُ فيه الاجتهادُ فأشبهَ تقليدَ العامي، فلا (١) يصحُّ؛ لأنَّ العاميَّ لاطريقَ له إلى إصابةِ حكمِ الحادثةِ؛ لأنه ليس معه آلةُ الاجتهادِ الموصلِ إليه، فلذلكَ كان فرضُهُ التقليدَ، ولهذا يجبُ عليه السُّؤالُ، ولا يجبُ على العالِمِ السُّؤالُ، بل له الاجتهادُ، والعاميُّ لايصحُّ تقليدُ غيرِه له بخلافِ العالم، فلو كان العالمُ مثلَه لوجبَ عليه التقليدُ.

وأمَّا تعلُّقهم بترك اجتهادِه وتعويلِه على العملِ بما سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - كذلك في مسألتنا، فبعيدٌ؛ لأنَّه (٢ لو كان. ممنزلة ما سمعه من النبي- صلى الله عليه وسلم - لوجب أن لا يجوز له تركه بالاجتهاد، كما لا يجوز له ترك قول النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولأنَّ ٢) قولَ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - حجةٌ مقطوعٌ بصحَّتِها؛ لأنه إنْ كانَ عن (٣) وحي فهو مقطوعٌ بصحَّتِه، وإن كان عن اجتهادِه، فاجتهادُه معصومٌ، لأنَّه لايُقرّ على الخطأ، بخلافِ ما يقضي به العالمُ، فإنَّه غيرُ مقطوع


(١) في الأصل: "لا".
(٢ - ٢) طُمس في الأصل واستدرك من "التبصرة" ٤٠٩.
(٣) في الأصل: "غير"، انظر "التبصرة" ٤٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>