للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدقِ الرُّسل -صلوات الله عليهم- توجبُ الإذعانَ لتحسينِ ما حسَّنه الشَّرعُ، وممَّا جاءَ به الشرعُ ممّا لم يكن يتهدَّى إليه عقل أنْ أباحَ كلمةَ الكفرِ به سبحانَه، وهو المنعمُ الأوَّلُ، لتوقية النفسِ عند الإكراه، وأوجبَ الثباتَ للموتِ في صفِّ المشركين بذلاً لها، لإعلاءِ كلمةِ التوحيدِ، فتارةً حسَّنها حيث أباحها لدفع المكروه عن النفرِ، وتارةً أسقطَ حكمَ النفوسِ لإعلائها وجعلَ النفوس دونها، وكذلك السُّجودُ للصَّنمِ، فأمَّا مع سلوكِ الوقفِ في هذا الأصلِ، فلا (١) احجِمُ عن القول بهِ فيما صوَّرتُم من القولِ والفعلِ المعنيَّين.

وأمَّا قولكم: إنه يلزمكَ في الوقفِ إذا جاء الشَّرعُ بإباحةٍ أو حظرٍ ما ألزمتنا من ورودِ السَّمع بعد القولِ بالإباحةِ والحظر، فليس على ما ذكرتم، بل غاية ما يتبيَّنُ بمجيءِ الشَّرع بالإباحةِ أو الحظرِ الكشفُ عن (٢ حكم الشَّرع ٢) بالدليل الذي كنا ذهبنا إليه في الوقف (٣)، ........... أو الحظرٍ لم يرد عليه قولُه، بل أرشدَه إلى قولٍ كان عنه واقفاً، ولإرشاده متوقعا.

والذي يوضخ هذا: أنَّ الواقِفَ لايسمّى بالمصير إلى الحكم راجعاً، بل يقالُ: إنه مستحِبّ وتابع ومرشد ومبيِّن، ولهذا يحسُنُ أن يقال لمن قال بالحظر: من أين قلت، ولم قلت؟ ولمَنْ قال بالإباحة كذلك. فلا يحسُن


(١) في الأصل: "لا".
(٢ - ٢) غير واضحة في الأصل.
(٣) بعدها طمس في الأصل بمقدار ثلاثة أسطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>