للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه كتحريمِ الخَمْرِ علينا والرِّبا-، فقال: "هو لها صدقةٌ، ولنا هَديَّةٌ" (١).

فأَخَذَ مِن تَغيُّرِ الحكْمِ بالانْتقالِ، تَغيُّرَ حكم أَثمانِ الخمورِ عن أَعيانِها، ونَهَى أَصحابَ رسولِ الله عن قَبْضِها وبيعها، ووَكَلَ ذلك إِلى مَنْ يَعْتَقِدُها مالاً.

ومِن ذلك: تَلَوُّمُهم على الصِّدِّيقِ وتَحرُّجُهم مِن قتالِ مانِعِي الزَّكاةِ، واحْتِجاجُهم بقولِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -:"امِرْتُ أَن اقاتِلَ النَّاَسَ، حتى يَقُولوا: لا إلهَ إِلا الله، فإِذا قالوها، عَصَمُوا مِنِّي دِماءَهم وأَموالَهم " (٢) وأَجابَهم بالرِّوايةِ، وهو قولُه: أَليس قد قال: "إِلاَّ بحَقِّها"؛! أَوَليستِ الزَّكاةُ مِن حقِّها، والرَّاي بِقوله: أَدَعُ اليومَ لهم الزَّكاةَ، وغداً الصَّلاةَ، فأَحُلُّ الإسلامَ عُرْوَةً عُرْوةً! وقولِه: كيف افَرِّقُ بين ما جَمَعَ الله، والله يقولُ: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: ٤٣]؟! ثم صارَ الناسُ كلُّهم إِلى رَايِه.

[و] قولُ عمرَ رضي الله عنه يومَ السَّقِيفَةِ لأَبي عُبيدةَ: امدُدْ يَدَكَ أبايِعْكَ، وقولُ أبي عُبيدةَ له: ما كان لك في الإِسلام فَهَّةٌ (٣) غيرها، تقولُ هذا وأَبو بكر [فينا]! ومُقاوَلتُهم واحتجاجُ كل منهم، هذا يقولُ: مِنا أَمير، ومنكم أَميرٌ، فيقولُ الآخرُ: سَيْفان في غِمْدٍ لا يَجْتمعان أَبداً، فهذا يقولُ: إِنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - (٤) أَوْصَانا فيَكم، فقال: "اوصِيكَم بالأنصارِ


(١) أخرجه أحمد ٣/ ١١٧، والبخاري (١٤٩٣)، ومسلم (١٠٧٤).
(٢) تقدم تخريجه ١/ ١٩٠.
(٣) الفهَّة: السقطة والجهلة والعي. "النهاية" و "القاموس": (فهه).
(٤) سها الناسخ فكتب: "إنَّ الله عزَّ وجل أوصانا فيكم".

<<  <  ج: ص:  >  >>