للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأن (١) يَقْتطِعَ المحكومُ له مالَ خَصْمِه أَو حَقه بذلك الحكمِ، لكَذِبِ الشُّهودِ؛ أَو مُغالطةِ الخَصْمِ بكونِه أَخْصَمَ وأَلحنَ بحُجَّتِه؛ ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "إِنما أَحْكُمُ بالظاهرِ؛ إنكم لتَخْتَصِمُونَ اِليَّ، ولعلَّ أَحَدَكم أَلحنُ بحُجَّتِه مِن صاحبِه، (٢ فمَن قَضَيْت له بشيءٍ من مالِ أَخيه، فلا يَأخُده، فإِنما ٢) أَقْطَعُ له قِطعةً مِن النارِ" (٣)، (٤ وهذا النوعُ من الخطأِ هو الذي يَستحِقُّ الحاكم ٤) فيه أَجرَ اجتهادِه، وإِصابةِ حكمِ الشَّرع؛ حيث قَضى بالبَيِّنةِ بظاهرِ العدالةِ، وحُرِمَ أَجرَ تحصيلِ الحقِّ لمُستحِقِّه بحكمِه؛ إِذ كان إنَّما حَصَلَ لغيرِه بحكمِه، وصارَ ذلك بمثابةِ رجلٍ رَأَى مُضْطرَّاً إِلى الماءِ، ووَجَدَ ماءً لا يَعلَمُ أَنهُ مسمومٌ، فسَقاهُ، فماتَ فله أَجرُ قَصْدِه لريِّهِ، وأستِنقاذِه من تَلَفِ العَطَشِ، ولكن حُرِمَ ثوابَ إِحياءِ نفسِه بإِسقائِه؛ حيث لم يَتحصَّلْ ذلك بإِسقائِه.

فيقالُ: الجَهالةُ بكَذِبِ الشُّهودِ، وما شاكلَ ذلك من إِقرارِ الخَصْمِ على سبيلِ التّهَزِّي، [ونحو] ذلك، مِمَّا لا يُضافُ إِلى الحاكمِ به خَطَأٌ، ولهذا مَنْ جَهِلَ نجاسةَ ماءٍ، فتَوضَّأَ به بناءً على حُكمِ الأَصلِ، وأَخطأَ جِهَةَ القِبْلةِ مع اجتهادِه ولم يَعلمْ، لا يَنْقُصُ (٥) ثوابُه، ولا أَجرُ عملِه؛ ولهذا قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -


(١) في الأصل: "لكن".
(٢ - ٢) خرم في الأصل.
(٣) تقدم تخريجه ١/ ٢٥٩.
(٤ - ٤) خرم في الأصل، واستدركناه من "المسودة" (٥٠٥).
(٥) في الأصل: "نقص".

<<  <  ج: ص:  >  >>