للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل

في أَدِلَّتنا من جهةِ المَعْقول والمعاني

فمنها: أنَّ المعانيَ المُسْتنبَطةَ طريقٌ لإِصابَةِ الأَحكامِ الشرْعيَّةِ، تدْرَك بجَوْدةِ الانتقادِ، وصفاءِ النَّحِيزَةِ، وجَوْهرِ النَّفْسِ، والقُوَّةِ على إلحاقِ المِثْلِ بالمِثْلِ، واستخراخ المعاني من الأَلفاظِ، وهذا فضيلةٌ دائِبةٌ، ثم إِنّه من أَجَلِّ الأَعمالِ، وأَفضلِ العباداتِ، وأَوْفَى أَسبابِ الثَوابِ، ومِثلُ هذا لا يُحْرَمُه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، لأنَه من الفضائلِ العظيمةِ، والطاعاتِ الكثيرةِ، ونُحرِّرُه قياساً، فنقولُ: ما جازَ أَن تَثْبُتَ به الأَحكامُ الشَّرعِيَّةُ، جازَ للنبيِّ - صلى الله عليه وسلم - الاسْتدلالُ به، أَو الحُكْمُ به. أَو نقولُ: جازَ للنبيِّ أَن يَحْكُمَ به؛ كالكتابِ والوَحْىِ النازل على قَلْبِه - صلى الله عليه وسلم -.

ومنها: أَنَّ طريقَ القِياسِ: النَّظَرُ، وملاحظةُ المَعْنى، وإِلحاقُ الشَّيءِ بنظيرِه، والنبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أَوْلى النَّاس بذلك؛ لأنَّه السَّليمُ الخَلْقِ، المخصوصُ بسلامةِ القَلْبِ، المعصومُ من الإِقرارِ على الخطأ، المَلْطوفُ به في نَظَرِه واجتهادِه.

ومنها: أَنَّه سببٌ للثَّوابِ، فلا يجوزُ أَن يُحْرَمَه - صلى الله عليه وسلم -، ويَحْظى به مَن دونَه من الأُمَّةِ، بل هو المُميَّزُ بأَسبابِ الثَّوابِ، بإِيجابِ قيامِ اللَّيْلِ، والوِترِ، وغيرِ ذلك.

ومنها: أَنَّه لا يُقَرُّ على الخطأ، فإِذا اجْتَهَدَ فأَصابَ، فذلك سُنَّةٌ مُتَّبَعةْ، وإِذا أَخْطأَ، فرُدَّ عن الخطأ، كان فيه أكثرُ الفوائدِ؛ لأَنَّه يُعلَمُ به طريقُ الخطأ فيجْتَنَبُ، كما إِذا بانَ الصَّوابُ بالإقرارِ يُتَّبَعُ، ومازالَ الانْتِفاع

<<  <  ج: ص:  >  >>