للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطّاعةِ، فأبطلتم الصَّلاةَ؛ لكونِه لابثاً في الدارِ المغصوبةِ، فأَبْطِلوا ها هنا التوبةَ، وأوقِفوا صحَّتَها على مفارقةِ الدّارِ، كما أَوْقَفْتُم صحَّةَ صلاتِه على الخروج منِ الدّارِ، وإنْ كانَ الشَّرع يأمُرُه بالصَّلاةِ لا سيَّما عندَ ضيقِ الوقتِ، كما يأمُرُه بالخروج ها هنا، ثُمَّ أَسْقَطْتُم حكمَ الأمرِ، وغلَّبتُم الحظرَ، فوجبَ أنْ تُغلبوا الحظرَ ها هنا على الأمرِ بالخروج، ولا يقعُ الخروج طاعةً، وإنْ كانَ مأموراً بِه.

قيلَ: الأمرُ بالصَّلاةِ مشروطٌ بالبقعةِ الحلالِ، فلم تَحصُلْ طاعة إلاّ بالخروخ عنِ الغصبِ، وها هنا الطّاعةُ المأمُورُ بها فهي نفسُ الخروج، ولا يجوزُ أنْ يقعَ الخروجُ مشروطاً بأنْ لا يكونَ في العَرْصةِ ساعياً، وفيها ماشياً، بلْ يكونُ مشروطاً بأنْ لا يكونَ مُصِرّاً، ولا قاصداً للمقامِ والتصرفِ، ألا ترى أنه يحسُنُ أنْ يقالَ: صلِّ بشرطِ أنْ لا تكونَ غاصباً لمكانِ الصَّلاةِ، ولا يحسُنُ أنْ يقالَ: اخْرُجْ منَ الغصبِ ولا تَكُنْ في الغصبِ ساعياً، فلا يبقى ما يدخلُ تحتَ الإمكانِ إلاّ تغييرُ قصدِه، فأمّا تغييرُ مكانِه، فلا.

[و] لو قيلَ في الصَّلاةِ في البقعةِ المغصوبةِ: إنها كمسألتنا، لم يَبْعُدْ، فهو أنَّه لو غصبَ داراً، فحبَسَه فيها غيرُ (١) مالِكها، ومنعَه من الخروج، فإنه إذا ندمَ وأقلعَ، ثُمَّ صلّى، صحَّتْ صلاته، وإنْ كانَ مصلِّياً في نفسِ المكانِ، لكنْ لمّا زالَ الإصرارُ، وحصلَ الندمُ والإقلاعُ، صحَّتِ الصَّلاةُ


(١) في الأصل: "عن".

<<  <  ج: ص:  >  >>