للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها: أنَّه أتى بالمأمورِ بحسبِ إمكانِه، فلا يكونُ عاصياً، كما لو ضربَ ساقَه، فعجزَ عنِ الصَّلاةِ قائماً، أو ضَرَبَتْ بطنَها، فنَفِسَت وأَجْهضت ذا بطنِها، فإنه يجعل ذلك بمثابةِ ما كانَ الأمران جميعاً منْ قِبَل غيرِهما، في سقوطِ الصَّلاةِ عنِ النّفَساءِ، والقيامِ عنِ المَكسورِ السّاق، كذلك السَّعيُ في السّاحةِ بعدَ التوبةِ قصداً للخروج طاعةٌ، فلا يجوزُ أن يُجعَلَ معصيةً معَ كونِه خرجَ بحَسَبِ إمكانِه.

ومنها: أنَّ إخراجَ نفسِه منَ الغصبِ قاطعاً بها كوناً بعدَ كونٍ، وهُويّ اليَدِ في مِلْكِ المغصوبِ منه، ليسَ بأكثرَ مِنْ حملِ العينِ المغصوبةِ لرَدِّها (١) على مالكِها قاطعاً بها كوناً بعدَ كونٍ وهىٍ (٢) في يدِه على الصُّورةِ التي كانت، ثم مرورِه بها إلى دارِ صاحبها، نادماً على ما سبقَ منَ الغصْبِ، عازماً على أنْ لا يعاودَ غصبَها، ولا غصبَ غيرِها، وذلك محضُ الطّاعةِ الى لا يَشوبُها عصيان، كذلك الخروجُ بنفسِه منِ البقعةِ المغصوبةِ.

فإنْ قيلَ: لا نُسلمُ، بلْ حكمُه حكمُ الغاصبِ في المأثمِ، إلى أنْ تزولَ يدُه إلى يدِ المالكِ، كما تقولُ الجماعةُ في الضَّمانِ لها، وإنْ كانَ حاملاً لها إلى (٣) مالكِها، ولم يبرأ منْ ضمانِها، كذلك نقولُ نحنُ في مأثمِ الغصبِ.

قيلَ: لا بقاءَ للمأثمِ بعد ما رضيَه الشَّرعُ معذرةً وتوبةً، فقال: "التوبة


(١) في الأصل: "كردها".
(٢) في الأصل: "وهو".
(٣) في الأصل: "على".

<<  <  ج: ص:  >  >>