للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَجُبّ ما قبلَها" (١)، كما لا بقاءَ لسيئةٍ معَ الإيمانِ بعدَ الكفرِ؛ لقولِه: "الإسلامُ يجبُّ ما قبلَه" (٢)، وبابُ الضَّمانِ لا يُقارِب المأثمَ؛ بدليلِ أنَّ المبتدئ بإتلافِ المالِ على وجهِ الخطأِ أو الجهلِ لا يأثمُ بِه، وإنْ كانَ ضامناً معَ الجهلِ والخطأِ، والذي خاطَبَه الشرعُ بِه منَ التوبةِ، وأحبطَ به الماضي، لم يَكُنْ إحباطَ الماضي مِنَ الذنوبِ بالمستقبلِ منَ التوبةِ إلاّ لأَنَّ العملَ (٣) الماضيَ، والواقعَ الفارطَ، لا يمكنُ تلافيهِ بأمرٍ يعودُ إليه، لكنْ بندمٍ على وقوعِهِ، وعَزْمٍ في المستقبلِ أنْ لا يعاودَ إلى مثلِهِ، ولا علَّةَ في قبولِ التوبةِ، وإحباطِها لما سبقَ، إلاَّ هذه العلةُ، وهوَ أَنَّه لا يمكنُه تغيير ما وقعَ وسبقَ، ولا إزالةُ ما سلفَ، وهذا في الحاصل في عَرْصةِ الجرحى والغَصْبِ ممتنعٌ استدراكُه بعدَ حصولِهِ، منْ طريقِ إزالةِ دوامِ كونِهِ في السَّاحةِ والدارِ المغصوبةِ، فلا يبقى لَة فيه حيلةٌ، فيصير في استحالةِ التلافي كالماضى منَ الأعمالِ القبيحةِ، ويبقى ما (٤) امرَ بهِ منَ التوبةِ ندماً وعزماً على ترك المعاودةِ، ماحياً لمأثمِ دوامِ كونِهِ صورةً ممثلةً، كما محًتِ التوبةُ ما قدْ كانَ منَ الأعمالِ، وخرجَ إلى الوجودِ منها، وكما صارَ بالتوبةِ ما


(١) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" ٥/ ١٨٨ - ١٨٩ من حديث شداد بن أوس، بلفظ: "التوبة تغسل الحوبة".
(٢) أخرجه أحمد ٤/ ١٩٩و ٢٠٤ و ٢٠٥، وابن سعد في "الطقات" ٧/ ٣٩٤ - ٣٩٥، والبيهقي في "دلائل النبوة" ٤/ ٣٥١، من حديث عمرو بن العاص الطويل في قصة إسلامه.
(٣) في الأصل: "العل".
(٤) في الأصل: "بما".

<<  <  ج: ص:  >  >>