للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكَاذِبِينَ} [التوبة: ٤٣]، وقوه فِى المفاداةِ (١) في يومِ بدرٍ: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: ٦٧] الآيات، إلى قولِه: {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [الأنفال: ٦٨]، حتى قالَ: لوْ نَزلَ منَ السماءِ عَذابٌ، لما نجا منه إلاَّ عمرُ بنُ الخطابِ (٢)؛ لأنَّه كانَ أشَارَ بالقتلِ، ونهى (٣) عنِ المفاداة.

ومنها: أنه قدْ جازَ عليهِ السَّهوُ حتى سلَّم مِنْ نقصانٍ، فقيلَ له: أَقَصُرتِ الصلاةُ، أمْ نَسِيت (٤)؟ فقالَ: "كلُّ ذلك لم يَكُنْ" وقد كان، ثُمَّ قالَ: " إنَّما أنا بشر أنسى كما تَنْسَوْن (٥) ".

فإن قيلَ: أمّا (٦) النسيان، فقد بانَ منْه المصلحةُ بقولِه: "إنما أنسى، لأسنَّ" (٧).

قيلَ: إذا كان ينسى؛ ليسنَّ الاستدراكَ بالسجود والجبران، جاز أن يُسلطَ عليه الخطأ، ولا يُعصمَ منْه؛ ليفصلَ بينَ رأيِه وخبرِه عنِ اللهِ سبحانَه، وليمعنَ في الاجتهادِ تحذراً من مضضِ المعتبةِ، وليعيَه فيعطيَ هو


(١) في الأصل: "المفادة".
(٢) أخرجه الطبري في التفسير (١٦٣١٩).
(٣) في الأصل: "عها".
(٤) تقدم تخريجه ٢/ ٥٥١.
(٥) أخرجه البخاري (٤٠١)، ومسلم (٥٧٢) من حديث عبد الله بن مسعود.
(٦) في الأصل: "انما".
(٧) تقدم تخريجه ٢/ ٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>