للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مثلِ ذلك، فيقولُ: ليس عليك إثم ولا حَرَج، ويتلو على ذلك: {لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ} [النور: ٦١]، وعلى هذا وأمثاله، فلذلكَ منعَ أحمدُ العاميَّ مِنَ الأخذِ بِما في الصحفِ منْ السُّنَّةِ وأقاويلِ الصَّحابةِ، والذي يشهدُ بذلك: أنَّ النبيٍّ - صلى الله عليه وسلم - لَمَّا أخبروهُ بالذي شُجَّ (١) رأسُه، فقالَ: هلْ تجدون لي رخصة؛ فقالوا (٢): لا، فاغتسلَ، فماتَ، قالَ: "قتلوهُ، قتلَهم الله، هلاّ سألوا إذ (٣) لم يعلموا" (٤) ومعلوم أنهم إنما تعلقوا بقولِه تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا} [النساء: ٤٣]، وكانوا واجدين للماءِ، فلمْ يكنْ فيهم فقيه يعلمُ أنَّ ضررَ الجرح كالعدمِ، ولوْ كانَ سألَ فقيهاً منْ فقهاءِ الصحابةِ رضوانُ اللهِ عليهم، لأَفْتاهُ، وتركَ ظاهرَ الآيةِ بالدلالةِ المفهومةِ منَ الآيةِ، أوْ منْ غيرِها منَ الأدلةِ.

فصل

في خصالٍ يستحبُّ أنْ تعتبرَ في المفتي ذكرَها صاحبُنا أحمدُ رضيَ اللهُ عنْه

فينبغي للمستفيّ أنْ يَتخيَّرَ منَ الفقهاءِ مَن تجتمعُ فيه، ويتجنبَ مَن لا تكونُ فيه؛ مِن طريقِ طلبِ الفضلِ، لا على وجهِ الشرطِ.

قالَ أحمدُ: لا ينبغى للرجلِ أنْ ينصبَ نفسَه -يعى: للفُتيا- حتّى تكونَ فيه خمسُ خصالٍ:


(١) في الأصل: "مسح".
(٢) في الأصل: "فقال".
(٣) في الآصل: "إذا".
(٤) أخرجه أبو داود (٣٣٦) من حديث جابر بن عبد الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>