للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غنمٍ، ليكون (١) ذلك أبعدَ للتهمةِ، والتهمةُ تمنعُ قبولَ القولِ، والمندوبُ للاستجابةِ لَه لا يعرضُ لِما يلفتُ النّاسَ عنْه، فيسقط مقصودُ النصبةِ، والمنصب منصبُ (٢) استتباعِ.

وأمّا قولُه: فمعرفةُ النّاسِ، فيحتملُ: أنْ تكونَ معرفة الرجالِ، ليعولَ على روايةِ المعروفِ بالحفظِ والثقةِ، ويتجنَّبَ مَن يعرفُه بالتحريفِ، أو الغلطِ، أو عدمِ الحفظِ، أو تَنكّبِ السُّنَّةِ، ويحتملُ: ومعرفةُ النّاسِ الفاجرِ الذي لا يستحقُّ الرُّخصَ والتسهيلَ عليهِ، فيلزمُ عليه العزائم، ولو استفتاهُ في الخلوةِ بالمحارمِ معَ علمِه بأنه يسكرُ، لا يفتيهُ، فإنّه لا يُؤمنُ وقوعُه على محظورٍ منْها، ويزن بمعارف الرجالِ كما وزنَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - الشّابَّ والشيخَ في سؤالِهما عنِ القُبْلةِ في الصَّومِ، فأمرَ الشَّيخَ بجوازِها، والشّابَّ بالنهي عنْها، وكذلك رخصُ السَّفرِ لا يُفتى بها أجناد وقتِنا؛ لمعرفتِنا بأسفارِهم، فهذا وأمثالُه لا يحصلُ إلاّ بمعرفة النّاسِ، وكذلك المُعْتدَّاتُ إذا كنَّ على صفاتِ وقتِنا، لا ينبغي أنْ يسهلَ عليهم أمر العِدَّةِ بقبولِ قولِهنَّ في أقصرِ مُدَّةٍ، بلْ تبنى الفُتيا لهنّ على العادةِ منَ الحيضِ، ويستشهدُ الثقات من بطانةِ اُهلِها، وإلى أمثالِ [ذلك].

فمتى لم يكنْ الفقيهُ ملاحظاً لأحوالِ النّاسِ، عارفاً لهم، وَضَعَ الفُتيا في غيرِ موضِعِها، وإلى هذا أشارَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقولِه (٣): "اسْتَفْتِ نفسَك، ولو


(١) في الأصل: "ليكن".
(٢) في الأصل: "ينصب"
(٣) فِى الأصل: "لقوله".

<<  <  ج: ص:  >  >>