للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تضمنها التكليفُ، الشاقَّةِ على المكلفينَ بم منَ الوضوءِ في السَّبَراتِ (١)، والانزعاج من لذيذِ الرقادِ إلى الصَّلواتِ، وتركِ الماءِ البارِد في الصَّيفِ لأجل الصَّومِ، وهجران اللذاتِ لأجلِ نهيِهِ سبحانَهُ، والحمل (٢) للسلاح، والثباتِ عندَ لقاءِ العدوًّ في مصافِّ الغزواتِ، ومقاطعةِ الأهلِ والعشيرةِ تعظيماً لكلمةِ اللهِ، وبغضاً في اللهِ، والصَّفح عنِ الإساءاتِ منْ قِبل الأقارب، وبَذْلِ الأموال حباً في اللهِ، والصَّبرِ على من آذى (٣) أيضاً، وإنْ صعب على الطباع، وأَوْجعَ النفوسَ، كل ذلك مما ضَمِنَ عنه الأَعْواضَ، وأوجبَ على نفسِهِ المقابلةَ عليه بالنَّعيمِ، فإذا جوَّزتم إدامةَ التكليف، لم يبق زمان للمجازاةِ، فمن هاهنا أحلنا ذلك ومنعناه.

قالوا: وكذلك من أصلنا: أنَّ الوعيدَ واجب، وأنَّ العفوَ عن العصاة المصرِّين غيرُ جائزٍ، فلابدَّ من زمانِ المجازاة، وإيقاع العقوبةِ، فمنْ هذينِ الأَصلين منعنا إدامةَ التكليف إلى غير غاية.

والجوابُ: أنَّنا نعتبرُ هذين (٤) الأصلين بما أوجب الله علينا من الطَّاعة بإجماعِنا، ولوْ قُلْنا: يجب الجزاءُ والثوابُ عن الفعل الواجب، لوجب علينا أيضاً الشكرُ عنِ الثوابِ الواجبِ، ولانزال كذلك نقابلُ واجباً (٥) بواجب، فلا ننتهي إلى غاية، وقدْ ثبتَ أنَّ كلَّ واجبٍ، من قضاءِ الديونِ،


(١) السَّبْرَةُ، بالفتح: الغداة الباردة، والجمع: سَبَرات. "القاموس": (سبر).
(٢) في الأصل: "الصمد".
(٣) في الأصل: "موارد".
(٤) االأصل: "هذان".
(٥) في الأصل: "واجب".

<<  <  ج: ص:  >  >>