للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأداءِ الحقوقِ، لايجبُ الشكرُ عليهِ، ولا الجزاءُ عنْهُ، فإذا ثبتَ وجوب طاعةِ اللهِ، بطلَ إيجابُ الجزاءِ عليها، والأجرِ عنْها.

ولأَنهم قدْ قالوا: إنَّ تركَ المعرفةِ قبيح، وكذلكَ إهمال الاستدلالِ والنظرِ المؤديينِ إلى المعرفةِ، وإذا كانا قبيحينِ لأنفسِهما، وجبَ تركُهما بقضيةِ العقلِ، فمنْ أينَ يجبُ ثواب على ذلكَ، والحالُ هذهِ؟

وأمَّا وجوبُ دوامِ العقابِ، فظاهرُ (١) الفسادِ؛ فإنَّ العفوَ عَنْ كلِّ عقوبةٍ حسن في العقلِ، إلا إذا كانت تُفضيْ إلى مفسدةٍ توفي على ذلكَ، ولامفسدةَ في عفوِ اللهِ عنْ جميع حقوقِهِ بعدَ زوالِ التكليفِ.

فصل

هلْ يصحُّ أنْ يكونَ في نظرِهِ مطيعاً؟

قالَ أهلُ التحقيق لايتَأَتَّى أنْ يكونَ مطيعاً في نظرِهِ، لأنَّ النظرَ فِى دلائلِ العبرِ هيَ الطريقُ الموصلُ إلى معرفةِ الآمرِ الواجبِ (٢) طاعتُهُ، ولاتصحُّ طاعةُ مَنْ لم يعرفْ، ولا معرفةَ لمَنْ لم ينظرْ، فمنْ هذا الوجهِ امْتَنعَتْ طاعةُ الناظرِ في نظرِهِ المؤدي إلى معرفةِ مَنْ تلزمُ استجابةُ أَمره.

اعترضَ معترضٌ بآيات الأمْرِ بالنظرِ، والمدح عليهِ، والذمِّ على تركه: {أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأعراف: ١٨٥]، {أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا} [يوسف: ١٠٩]، {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ


(١) في الأصل: "بظاهر".
(٢) في الأصل: "الواجبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>