للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لُغُوبٍ} [ق: ٣٨]، وقوله: "القلبُ بينَ إصبعينِ منْ أصابع الربِّ، إنْ شاءَ أنْ يقيمَه أقامَهُ، وإن شاءَ أن يزيغَه أزاغه" (١)، و"إنَّ الملائكةَ خلِقَتْ من نورِ الذراعين" (٢)، و"إنَّه مَرِضَتْ عينه، فعادَتْة الملائكةُ" (٣)، وإلى أشباهِ ذلكَ، فتركُ هذهِ في كتبِ الشريعةِ، وجريُها على الألسنِ، وقبولُ العلماءِ لها، فتحُ بابٍ لايسدُّه إلاَّ الردُّ والإِنكارُ، وإذا استهدفَ لها الملحدةُ، مَجَنُوا واستهزؤوا بالشَّرع، وسخفوا، وجاءَ مِنْ ذلكَ تنفير العوامِّ عَنِ الشرائع، فما يقي ما ذكرتُم مِنْ قبولِ قولِ الرُّواةِ مثل هذا الفسادِ العظيمِ، ومن يَنْزِعُ (٤) من القلوبِ التشكلَ والتمثيلَ والتشبيهَ بعدَ ما كتَبهُ؛ فما أغنانا عَنْ قبول شيءٍ يُثْبِتُ هذا الداءَ العضالَ، ثمَّ يعودُ يُعالِجُه، وعساهُ لايبرأُ بالعلاج.

وفارقَ ما جاءَ في القرآنِ؛ فإنَّه قطعيٌّ لم يبقَ لنا في ردِّه حيلةٌ، فأَخْلَدْنا إلى التأويلِ، وأزلنا التشبيه بما قدرنا، وأردنا (٥) أنْ لايكون فيه شيءٌ يوهمُ التشبيهَ.


(١) أخرجه بنحوه أحمد (٦٥٦٩) و (٦٦١٠)، ومسلبم (٢٦٥٤)، وابن حبان (٩٠٢)، والنسائي في "الكبرى" (٧٧٣٩) من حديث عبد الله بن عمرو.
(٢) أخرجه البيهقي في "الأسماء والصفات": (٧٤٤)، وأبو الشيخ في "العَظَمة" ٢/ ٧٣٣، والبزار في مسنده ٢/ ٤٤٩، وابن مندة في الرد على الجهمية (٧٨) عن عبد الله بن عمرو.
(٣) هذا مما دَسَّهُ الزنادقةُ في الأحاديث لاجتيالِ الإسلام، انظر "تأويل مختلف الحديث" لابن قتيبة: ٢٤٥.
(٤) في الأصل: "سوع".
(٥) في الأصل: "ولروونا".

<<  <  ج: ص:  >  >>