للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهادتَهُ لغيرِ ابنِهِ، ولايقالُ: فسَّقَهُ بالردِّ، وكذلكَ العدوُّ معَ عدوِّه، وقَبِلَ أخبارَ الدياناتِ منَ العبيدِ والنساءِ، ومن وراءِ حجابٍ، وبالعنعنةِ، ولم يَقبلْ مثلَ ذلكَ منْ أولئكَ بأعيانِهم بلفظِ الشَّهادةِ.

قيلَ: إنَّ الشَّهاداتِ على غيرِ بناءِ الأخبارِ؛ بدليلِ أنَّ أخبارَ النِّساءِ والعبيدِ في الحدودِ والقصاصِ مقبولةٌ، وفي الشهاداتِ مردودةٌ، وخبرُ الواحدِ في كلِّ شيءٍ مقبول، ولايُقبلُ في الشَّهادةِ إلا العدلانِ (١). ولأنَّ المانعَ ها هنا ليسَ إلاَّ التشبيهَ، فإذا انتفى عنهم بنوع تأويلِ لما يجبُ تأويلُهُ، بَقِيَ الرَّدُّ تَشَهِّياً لا لمعنى.

فصل

إذا نُسِخَ التَّنْبيهُ، لم ينُسَخْ ما نبهَ عليه، مثالُهُ: أنْ يُنسخَ المنعُ منَ التأفيف، فإنَّه لايرتفُع المنعُ منَ الإضرارِ والأذيةِ ممّا زاد على أذيَّةِ التأفيفِ؛ خلافاً لبعضِ القائلينَ بأنَّه قياس جليٌّ.

لنا: أنَّ هذا يبتَنى على أصلٍ، و [هو] أنَّ التنبيهَ ليس بقياسٍ، وإنَّما هو من جملة النصوص الموضوعة للنهي عن الزائدِ والأكثرِ، فإذا ثبتَ ذلكَ، كان نسخُ النصِّ الناهي عنْ شيءٍ، لايوجبُ نسخَ النهي عن شيءٍ آخرَ نُصَّ على (٢) النهي عنْهُ، مثلُ أنْ يقولَ: لاتُؤْذِهما (٣) بالتبرُّمِ والتَّضجُّرِ، ولاتُوْذِهما (٢) بالشتمِ والسبِّ، ثمَّ إنهُ نَسَخَ الأدنى من الأذايا، بقيَ


(١) في الأصل: "العدلين".
(٢) في الأصل: "عن".
(٣) في الأصل: "تؤذيهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>